تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عمرو عبدالحافظ]ــــــــ[26 - 06 - 08, 10:42 ص]ـ

للرفع

ـ[محمد بن سيف]ــــــــ[27 - 06 - 08, 06:45 م]ـ

(الفكر لا يقابل إلا بالفكر!

أما الحجر والمنع لن يأتينا من وراءه إلا كل بلاء).

ترفق أخي علاء. فهذه المقولة ليست سوى مقطوعة إعلامية رائجة اليوم. لكن لا وزن لها في الشرع ولا في العقل.

ما الذي يلزم الناس بفسح المجال لكل فكر؟

وهل صحيح أن الفكر لا يقابل إلا بالفكر؟

وهل يوجد على وجه الأرض أحدٌ يطبق هذه القاعدة الخرافية؟

أو أن الجميع متفقون على خطوط حمراء يختلفون في تحديدها؟

وهل الحجر على الأفكار المنحلة لا يأتي من ورائه إلا كل بلاء؟

أسئلة ليس هذا مكان مناقشتها. فمحلها منتديات السياسة وما اصطلح على تسميته (فكراً). فتلك المقولة المسؤول عنها، ليست سوى فرعٍ عن فتنة العصر الكبرى: (الديمقراطية).

أما ههنا فالحديث والسؤال المطروح عن الحكم الشرعي، لمثل هذه المقولة.

ويكفي في رد هذا الشعار باب حد الردة في الفقه. فهو بابٌ مخصص لقطع رؤوس ذوي الأفكار المريضة التي تتجاوز حدود الإسلام. وهو الطريق الذي رسمه المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين قال: (من بدل دينه فاقتلوه)، ولم يقل واجهوه بالفكر فقط لا غير؟

نعم جاء الشرع بالاستتابة، وإزالة الشبهة عن المرتد. لكنه لم يتوقف عند ذلك. فإن تاب المرتد بعد مواجهة فكره بالحجة، وإلا أسقط رأسه بين رجليه بسيف الشريعة. وهاهو الصديق ومعه سائر الصحابة، رفعوا السيف في وجه بني حنيفة، ولم يحترموا فكرهم حين قنعوا بنبوة مسيلمة. ولم يفسحوا لهم المجال ليمارسوا حريتهم ويتبعوا نبيهم. ولم يقولوا: فكرهم لا يواجه إلا بالفكر!

أما الاستدلال بكلمة علي ـ رضوان الله عليه ـ الموجهة للخوارج. فذلك استدلال مبتورٌ. سمعته كثيراً من متبعي المتشابه، الذين يتجاوزون النصوص المحكمة، والإجماع الظاهر، ليأخذوا كلمةً مقطوعةً عن سياقها، ثم يقيموا عليها بنيان شبهتهم. وإلا فإن الأمر بقتال الخوارج هو منصوص سنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

وعلي ـ رضوان الله عليه ـ إنما قال لهم تلك المقولة أولَ أمرهم، حين اعتزلوه بعد صفين. وظهرت منهم مقدمات بدعتهم. ولم يكن قد تحقق أمرهم، و أنهم الذين ذكرهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمر بقتالهم.

ثم إن تركهم وعدم قتالهم شيءٍ، وإفساح المجال لهم لينشروا ما عندهم شيءٌ آخر. وأبعد من هذا كله القول بأن مقولة علي تدل على جواز السماح لأحزاب كفرية ملحدة لتنشط في المجتمع المسلم بالدعوة لكفرها، والسعي للوصول لحكم الدولة المسلمة.

الذمي المعاهد لو دعا مسلماً لدينه لانتقض عهده وأبيح دمه، فكيف يقال: إن للملحد الفاجر الذي لا عهد له ولا ذمة أن يعلن بباطله ويدعو إليه في ظل دولة مسلمة؟.

علي ـ رضوان الله عليه ـ الذي قال تلك الكلمة للخوارج، هو نفسه الذي قال: (لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ إلا جلدته جلد المفتري). وهو نفسه الذي حرَّقَ من غلوا فيه ولم يواجه غلوهم بالفكر وحده.

تلك الأحكام كلها مما اتفقت عليه كلمة أهل الإسلام قبل أن تدخل عليهم النظم الغربية السياسية التي بنيت على نبذ الدين وإقصائه، ورفض جعله ميزاناً للنظام السياسي للدولة ..

وأختم هنا بإجماعٍ ذكره ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في الصارم المسلول، فقد تحدث هناك عن حكم معاهدة أهل الكتاب على أن لهم إظهار الطعن في الدين، فقال: " إظهار الطعن في الدين لايجوز للإمام أن يعاهدهم مع وجوده منهم أعني مع كونهم ممكنين من فعله إذا أرادوا. وهذا مما أجمع المسلمون عليه. ولهذا بعضهم يعاقبون على فعله بالتعزير وأكثرهم يعاقبون عليه بالقتل. وهو مما لايشك فيه المسلم ومن شك فيه فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه".

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير