تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[إنما كان الأذان يوم الجمعة فيما مضى واحدا قط، ثم الإقامة، فكان ذلك الأذان يؤذن به حين يطلع الإمام، فلا يستوي الإمام قائما حيث يخطب حتى يفرغ المؤذن، أو مع ذلك، وذلك حين يحرم البيع، وذلك حين يؤذن الأول، فأما الأذان الذي يؤذن به الآن قبل خروج الإمام وجلوسه على المنبر فهو باطل، وأول من أحدثه الحجاج بن يوسف] اهـ.

وقال الشافعي-رحمه الله تعالى- في "الأم":

[وأحب أن يكون الأذان يوم الجمعة حين يدخل الإمام المسجد ويجلس على موضعه الذى يخطب عليه ........ فإذا فعل أخذ المؤذن في الأذان، فإذا فرغ قام فخطب، لا يزيد عليه] اهـ.

قال الجصّاص في " أحكام القرآن ":

[" وَأَمَّا أَصْحَابُنَا فَإِنَّهُمْ إنَّمَا ذَكَرُوا أَذَانًا وَاحِدًا إذَا قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَإِذَا نَزَلَ أَقَامَ عَلَى مَا كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-] اهـ.

واحتجوا لقولهم بأثر ابن عمر-رضي الله عنهما- السابق.

ونوقش باحتمال أنه يريد أنه لم يكن في زمن النبي –صلى الله عليه وسلم- وكل ما لم يكن في زمنه يسمى بدعة.

والجواب عن ذلك أن مثل هذا الاحتمال مردود بالرواية الأخرى وفيها: (الأذان الأول يوم الجمعة بدعة، وكل بدعة ضلالة وإن رآه الناس حسنا). ذكر هذه الرواية الجصّاص في " أحكام القرآن ".

كذلك بالرواية التي رواها أبو طاهر المخلص في "فوائده" كما ذكر ذلك العلامة الألباني في رسالة الماتعة"الأجوبة النافعة"، قال ابن عمر –رضي الله عنهما-: (إنما كان النبي –صلى الله عليه وسلم- إذا صعد المنبر أذن بلال، فإذا فرغ النبي –صلى الله عليه وسلم- من خطبته أقام الصلاة، والأذان الأول بدعة).

ويؤيد ذلك ما جاء آنفا عن بعض السلف من الصحابة كعلي وابن الزبير والتابعين كما في أثري الحسن وعطاء.

الترجيح:

ويظهر – والعلم عند الله تعالى – قوة القول الثاني لما أسلفنا من أدلة أثرية ونظرية سالمة من المناقشة.

والحمد لله رب العالمين.

**أقوال بعض العلماء المعاصرين:

العلامة الألباني:

قال في رسالته " الأجوبة النافعة ":

[لا نرى الاقتداء بما فعله عثمان رضي الله عنه على الإطلاق ودون قيد، فقد علمنا مما تقدم أنه إنما زاد الأذان الأول لعلة معقولة، وهي كثرة الناس وتباعد منازلهم عن المسجد النبوي، فمن صرف النظر عن هذه العلة وتمسك بأذان عثمان مطلقا، لا يكون مقتديا به رضي الله عنه، بل هو مخالف له حيث لم ينظر بعين الاعتبار إلى تلك العلة التي لولاها لما كان لعثمان أن يزيد على سنته عليه الصلاة والسلام وسنة الخليفتين من بعده.

متى يشرع الأذان العثماني؟:

فإذن إنما يكون الاقتداء به رضي الله عنه حقا عندما يتحقق السبب الذي من أجله زاد عثمان الأذان الأول وهو "كثرة الناس وتباعد منازلهم عن المسجد" كما تقدم.

.... وهذا السبب لا يكاد يتحقق في عصرنا هذا إلا نادرا وذلك في مثل بلدة كبيرة تغص بالناس على رحبها كما كان الحال في المدينة المنورة ليس فيها إلا مسجد واحد يجمع الناس فيه وقد بعدت لكثرة منازلهم عنه فلا يبلغهم صوت المؤذن الذي يؤذن على باب المسجد وأما بلدة فيها جوامع كثيرة كمدينة دمشق مثلا لا يكاد المرء يمشي فيها إلا خطوات حتى يسمع الأذان للجمعة من على المنارات وقد وضع على بعضها أو كثير منها الآلات المكبرة للأصوات فحصل بذلك المقصود الذي من أجله زاد عثمان الأذان ألا وهو إعلام الناس: أن صلاة الجمعة قد حضرت كما نص عليه في الحديث المتقدم: وهو ما نقله القرطبي في تفسيره "18/ 100" عن الماوردي:

" فأما الأذان الأول فمحدث، فعله عثمان ليتأهب الناس لحضور الخطبة عند اتساع المدينة وكثرة أهلها ".

وإذا كان الأمر كذلك فالأخذ حينئذ بأذان عثمان من قبيل تحصيل حاصل وهذا لا يجوز لا سيما في مثل هذا الموضع الذي فيه التزيد على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم دون سبب مبرر وكأنه لذلك كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو بالكوفة يقتصر على السنة ولا يأخذ بزيادة عثمان كما في "القرطبي "

وقال ابن عمر:

"إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر أذن بلال فإذا فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبته أقام الصلاة والأذان الول بدعة".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير