في هذه المسألة تفصيل:
إذا أُريد بالمسكن الواحد أي المبنى الواحد ولكل واحدة من الزوجات مكان يخصّها بجميع مرافقه ومستلزماته لا تختلط إحداهن بالأخرى فيجوز ولا يشترط رضاهن.
قال الكاساني رحمه الله: (لو أسكنها في بيتٍ من الدار وجعل لهذا البيت غلقاً على حدة كفاها ذلك، وليس لها أن تطالبه بمسكن آخر لأن الضرر بالخوف على المتاع وعدم التمكن من الاستمتاع قد زال).
وأما إذا أُريد بالمسكن الواحد أن يجمع بين زوجاته في مبنى واحد يختلطن ببعضهن ولكل واحدة منهن حجرتها تنام فيها فقط، فهذا لا يجوز إلاّ برضاهن لقول الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لا ضرر ولا ضرار " (رواه أحمد).
ولا يجوز أن يجمع بينهن كما في الصورة الثانية بحجّة أنهن لم يشترطن في العقد عدم جمعهن لأن القاعدة الفقهية تنص على أن (المعروف عُرفاً كالمشروط شرطاً)، وقد عُلِم بعُرف الناس أن الضرّات لا يرضين بجمعهن في مكانٍ واحدٍ سويًّا، وأما إذا تراضين ورضين بذلك فلا حرج.
قال ابن قدامة رحمه الله: (وليس للرجل أن يجمع بين امرأتيه في مسكنٍ واحدٍ بغير رضاهما صغيراً كان أو كبيراً، لأن عليهما ضرراً لِما بينهما من العداوة والغيرة، واجتماعهما يُثير المخاصمة وتسمع كل واحدة حسّه إذا أتى الأخرى أو ترى ذلك، فإن رضيتا بذلك جاز لأن الحق لهما، فلهما المسامحة بتركه). اهـ، وقال بعد ذلك: (والأولى أن يكون لكل واحدة منهن مسكن يأتيها فيه لأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان يقسم هكذا، ولأنه أصون لهن وأستر، وحتى لا يخرجن من بيوتهن).
وقال الكاتب حفظه الله: هل يجب على الزوج العدل في الحب والوطء؟ وهل يجوز له أن يطأ إحدى زوجاته أكثر من الأخريات؟
لا يجب ولا يستطيع، ولذلك قال الله تعالى: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم}.
فالمقصود في هذه الآية ميل القلب والوطء بإجماع المفسّرين.
وقد اشتهر بين الصحابة حبّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعائشة أكثر من غيرها ... وقال عمر بن الخطاب لابنته حفصة: (ولا يغرّنك أن جارتك أوضأ منك وأحب إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -).
قال ابن القيم: (إنه لا تجب التسوية بين النساء في المحبة، فإنها لا تُملك، وكانت عائشة رضي الله عنها أحب النساء إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -).
والوطء تابع للمحبة القلبية، فلا يجب على الزوج العدل فيه لأنه غير مملوك له، وإن استطاع أن يعدل فيه فهو الأولى والأورع.
قال شيخ الإسلام: (لكن إن كان يحبها أكثر ويطأها أكثر، فهذا لا حرج عليه فيه، وفيه أنزل الله: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم} أي في الحب والجماع).اهـ.
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[13 - 07 - 08, 07:11 ص]ـ
ومن المناسب أن أورد في هذا الموضوع فائدة ذكرها لي الشيخ عبد الله العبيلان حفظه الله أثناء لقائي به عند مجيئه إلى لبنان منذ بضع سنوات، والفائدة فيها فضيلة لمن تزوج بأكثر من واحدة، قال حفظه الله أن الزوجة الثانية رحمة من الله للرجل، واستدلّ بقوله تعالى لأيوب - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد معافاته من بلائه: {ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمةً منّا وذكرى لأولي الألباب} (ص، 43)، وأذكر أن الشيخ قال أنه لم يجد من نبّه على هذه الفائدة في كتب أهل العلم.
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[24 - 08 - 09, 07:09 م]ـ
دبي- العربية. نت
تجدد النقاش أخيراً، في روسيا حول فكرة السماح بتعدد الزوجات لمواجهة الأزمة الديموغرافية الحادة، ولتخفيف آثار مشكلات اجتماعية، أبرزها الانتشار المتزايد لظاهرة الأطفال "غير الشرعيين". واللافت أن معسكر مؤيدي تعدد الزوجات بات خلال السنوات الأخيرة، يضم سياسيين بارزين معروفين بتوجهاتهم القومية الروسية، بينهم نائب رئيس البرلمان فلاديمير جيرينوفسكي الذي طالب بوضع صياغة قانونية لتعدد الزوجات، وذلك وفقا لما ذكرت صحيفة "الحياة" اللندنية.
وكان جيرينوفسكي اقترح في 2002 مشروع قانون لمناقشته في مجلس الدوما، يسمح للرجل بالزواج من أربع نساء، شرط أن تعطي كل منهن موافقتها على أن يقترن زوجها بغيرها، لكن الاقتراح قوبل حينها بعاصفة داخل البرلمان وتم رفضه بغالبية الأصوات.
وبرر جيرينوفسكي، الذي لم يخف نيته الاقتران "بزوجة ثانية وربما ثالثة"، موقفه بضرورة وضع آليات قانونية لمواجهة التدهور الديموغرافي الخطر في البلاد.
وأشار إلى أن نحو 300 ألف طفل غير شرعي يولدون سنوياً في روسيا، وإلى أن عدد النساء يزيد عن عدد الرجال بعشرة ملايين نسمة، ما يعني أن تعدد الزوجات "أمر ضروري ليس في الشيشان أو القوقاز فقط بل في كل روسيا".
ويتفق مفوض حقوق الإنسان في الشيشان نوردي نوخاجييف مع جيرينوفسكي، إذ عبّر عن ثقته بأن السماح بتعدد الزوجات سيساهم في حل مشاكل ديموغرافية وإنسانية وأخلاقية وروحية، ليس في المجتمع الشيشاني فحسب، وإنما في روسيا عموماً.
ومعلوم أن روسيا تفقد سنوياً نحو 800 ألف نسمة، بينما فشلت محاولات السلطات المختصة في مواجهة الخطر الداهم والتقليل من آثاره الكارثية حتى الآن.
¥