تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عوائد السند أو قُل الربا، يدفعها البنك لصاحب السند، ويحصل البنك على فوائد القرض من الزبون (سعيد)، وقيمة الفائدة تكون أكبر من عائد السند لأنها تمثل ربح البنك

ولكن هؤلاء المستثمرين رهنوا هذه السندات، على اعتبار أنها أصول، مقابل ديون جديدة للاستثمار في شراء مزيد من السندات. نعم، استخدموا ديونا للحصول على مزيد من الديون!

كما قلت سابقا، السندات تُتداول في السوق كالنقود، وعادة ما تُستعمل في المرهونات؛ أي يرهن سندات لدى بنك آخر مقابل الحصول على قرض مالي أو سند آخر نظير فوائد وعوائد أخرى للمستثمر الجشع، وقد تتكرر العملية أكثر من عشر مرات!!

قام البنك بتحويل الدين إلى سندات وباعها إلى بنك استثماري

هي نفس العملية الفائتة، بيع القروض في صورة سندات للتخلص من المخاطر والحصول على سيولة، أما البنك الاستثماري فيحصل على عوائد السند

الذي احتفظ بجزء منها، وقام ببيع الباقي إلى صناديق تحوط وصناديق سيادية في أنحاء العالم كافة

الصناديق السيادية: هي صناديق استثمارية حكومية، يقومون من خلالها بشراء سندات لعدة أغراض؛ منها استثمار أموال الدولة، المحافظة على قيمة العملة من التدهور نظير الفوائد التي يجنونها من السند، ادخار الأموال، وأغراض أخرى سياسية .. ميزة التعامل معها: قلة المخاطرة بل عدمها، الآجال الطويلة في المعاملة (قد تصل إلى 20 سنة وأكثر)

وعملية بيع السند غالبا ما تكون مربحة لأن السند له قيمتان: سوقية واسمية؛ الاسمية هي المرسومة على العقد، والسوقية هي التي تباع وتشترى بها .. أما أرباح بيع السند فهي إما من خلال الفرق بين سعري الفائدة كما أسلفت، أو من خلال ارتفاع أسعار السندات نفسها في السوق (القيمة الاسمية)

وارتفاع أسعار السندات يتناسب عكسا مع سعر الفائدة السوقي، فإذا انخفضت أسعار الفائدة السوقية سحب المستثمرون والمضاربون أموالهم من البنوك واشتروا بها سندات (طلبا للربح الأكبر) لأن أسعارها ثابتة وأكبر من فوائد السوق .. هذا التهافت على السندات يزيد في قيمتها كحال كل مطلوب والعكس صحيح

وللتوقعات والتنبؤات آثار كبيرة على الأسعار؛ فقد ترتفع القيم الاسمية للسند قبل أن تنخفض أسعار الفائدة السوقية بأشهر نتيجة التوقعات!!

وللقارئ أن يتصور ما يمكن أن يحصل عندما تنخفض قيمة البيت، ويطرد سحلول من عمله

تتوقف عملية السداد وتتوقف سلسلة الفوائد والعوائد تبعا لذلك ..

والحقيقة أن توقف زبون أو عشرة أو ألف لا يضر البنوك الكبيرة، لكن تكون الأزمة إذا توقف الغالبية عن السداد

أما انخفاض قيمة البيت (المرهون) يعني عدم تناسب القرض مع الرهن، وعليه في حالة الإفلاس أو توقف السداد لا تغطي قيمة البيت تكاليف السند والديون

بما أن قيمة السندات السوقية وعوائدها تعتمد على تقييم شركات التقييم هذه السندات بناء على قدرة المديون على الوفاء، وبما أنه ليس كل من اشترى البيوت له القدرة نفسها على الوفاء، فإنه ليست كل السندات سواسية. فالسندات التي تم التأكد من أن قدرة الوفاء فيها ستكون فيها أكيدة ستكسب تقدير "أ"، وهناك سندات أخرى ستحصل على "ب" وبعضها سيصنف على أنه لا قيمة له بسبب العجز عن الوفاء

هذا مذكور أعلاه، وقدرة المديون على الوفاء تقدر بأشياءَ منها: دخله، سوابقه، استقراره .. والمحاباة طبعا لها تأثير

أما السندات "أ" "ب" .. فهي مراتب ولكل مرتبة قيمة وعائد خاص بها تبعا للمخاطرة

لتلافي هذه المشكلة قامت البنوك بتعزيز مراكز السندات عن طريق اختراع طرق جديدة للتأمين بحيث يقوم حامل السند بدفع رسوم تأمين شهرية كي تضمن له شركة التأمين سداد قيمة السند إذا أفلس البنك أو صاحب البيت، الأمر الذي شجع المستثمرين في أنحاء العالم كافة على اقتناء مزيد من هذه السندات

هذه عملية تأمين تجارية عادية - وهي محرمة - يقوم المؤمَّن (صاحب السند) من خلالها بدفع أقساط شهرية (تكون أقل من عوائد السند) لمؤسسة التأمين مقابل ضمان قيمة السند في حالة: ضياعه، احتراقه، إفلاس البنك بائع السند، توقف سداد الزبون ..

بعملية تأمين السند تعدم المخاطرة وتتساوى مراتب السند وقيمها (ذوات العائد الواحد)

أول متضرر في حالات الأزمة مؤسسات التأمين، وتضررها إفلاسها؛ لأن الأقساط الشهرية التي تستلمها مهما ضخمت لن تغطي كل قيم الأصول - دفعة واحدة - التي تؤمنها

أما الذين اشتروا تأمينا على سنداتهم فإنهم حصلوا على قيمتها كاملة، فنتج عن ذلك إفلاس شركة التأمين

يحصل المؤمَّنون على مستحقاتهم من شركات التأمين التي قبل إفلاسها بلحظات تتوجه إلى شركات إعادة التأمين (وهي التي تؤمِّن عندها شركات التأمين) فتأتي على أخضرها ويابسها قبل أن تعلن هي الأخرى إفلاسها .. وقد تتدخل الدولة للسداد بدلا عن مؤسسات التأمين المفلسة في حالة عجزها عن تغطية كل تكاليف السداد

ظلمات بعضها فوق بعض

الأمر الذي أجبر حكومة أمرستان على زيادة السيولة عن طريق ضخ كميات هائلة لإنعاش الاقتصاد

تقليل البنوك من عمليات الإقراض يوقع المتعاملين والشركات في حرج، لأن المعاملات تتم وفق آجال محددة وكل تأخر معناه تكاليف إضافية، فتتدخل "أمرستان" لضخ كتلة نقدية عن طريق البنك المكزي الذي يقرضها للبنوك بفوائد صغيرة جدا أو معدومة (فوائد صفرية) وهذه الأخيرة بدورها تقرضها للمتعاملين بفوائد صغيرة حتى لا تشل حركية الاقتصاد والمعاملات اليومية التي تحتاج للسيولة النقدية

فانظروا رعاكم الله كيف انقادوا قسرا إلى حكم الله عز وجل .. فهذه هي الحرب التي توعدها الله ورسولُه مستحلّي الربا أعاذنا الله وإياكم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير