تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: رواه الدارقطني من طريق إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حدثني عبد الملك بن أبي محذورة أنه سمع أباه أبا محذورة يحدث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة.

وهذا أصح، فإن إبراهيم هذا من آل أبي محذورة، وكان قد ورث الأذان عنهم، وهو أعلم بحديث أبائه من عثمان بن السائب، وأدركه الشافعي وابن راهوية والحميدي وغيرهم، ورووا عنه إفراد الإقامة، وذكروا أنه كان يؤذن هكذا في المسجد الحرام، ويحكي أن آباءه كانوا يؤذنون هكذا؛ قال الحميدي عن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك قال: أدركت جدي وأبي وأهلي يقيمون فيقولون: الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمد رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر لا إله إلا الله. ولا يتصور أن يغير في الأذان أو ينقص منه-وهو من أهل الورع كما وصفه ابن حبان في المشاهير- خاصة وهو يؤذن على رءوس الناس في المسجد الحرام، ولذلك قال البخاري في ترجمته في التاريخ: إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة القرشي المكي أبو إسماعيل سمع جده عبد الملك سمع أبا محذورة أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الآذان مثنى مثنى والإقامة مرة مرة. وتابعه جماعة عن أبيه منهم عمَّاه محمد وعبد العزيز وابن عمه إبراهيم بن إسماعيل وغيرهم، فمنهم من يقتصر على ذكر الأذان فقط، ومنهم من يذكر الإقامة مفردة، مما يؤكد أن تثنية الإقامة وهم من بعض الرواة.

وله شاهد أخرجه الحاكم والدارقطني من حديث كامل بن العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أبا محذورة أن يشفع الأذان و يوتر الإقامة. وأبو العلاء كامل بن العلاء، وثقه ابن معين، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وشيخه أبو صالح ذكره ابن حبان في الثقات. فهذا يُقَوِّي ذاك ويَقْوَى به.

وأما الشاهد الثالث: فقد تفرد به شريك عن عمران بن مسلم، وشريك سيئ الحفظ كما سبق، واعترضه الحاكم أيضا بأن سويد بن غفلة لم يدرك بلالا، وأذانه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر.

وردَّه ابن الدقيق العيد في الإمام بقوله: وكون سويد بن غفلة لم يدرك أذان بلال في عهده عليه الصلاة والسلام صحيح؛ لأنه لم يَرَ النبي صلى الله عليه وسلم، مع أنه أدرك الجاهلية وأدَّى الزكاة لمصدقه عليه السلام، وأما أبو بكر ففيه نظر؛ إذ لا مانع منه، فقد رُوي أن خروج بلال إلى الشام كان في زمن عمر، كما رواه حفص بن عمر بن سعد القرظ قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بلال إلى أبي بكر فقال: يا خليقة رسول الله إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله" وإني أريد أن أربط نفسي في سبيل الله حتى أموت. فقال له أبو بكر: أنشدك الله وحقي وحرمتي فقد كبر سني واقترب أجلي. فقام بلال مع أبي بكر حتى هلك، فلما هلك أبو بكر أتى عمر فقال له: مثل ذلك. فقال له عمر: أنشدك الله وحقي وحبي أبا بكر وحبه إياي. فقال بلال: ما أنا بفاعل. فقال: إلى من يدفع الأذان؟ فقال: إلى سعد.

قال: وكذلك روى ابن أبي شيبة عن حسين بن علي عن شيخ يقال له: الحفص عن أبيه عن جده قال: أذن بلال حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أذن لأبي بكر حياته ولم يؤذن في زمان عمر. فهذان الخبران يقتضيان استمرار أذان بلال حياة أبي بكر.

قلت: هذا الأثر ضعيف تفرد به حفص بن عمر بن سعد القرظ وهو مجهول الحال، ورواه مرة عن آبائه عن أجداده، ومرة عن عمومته عن أجداده، ومرة عن أبيه عن جده، وهذا سند مجهول، قال ابن معين: ليس بشيء، ولذلك ضعفه الألباني في ضعيف الجامع، وقد روى أبو داود وغيره من طريق عبد الرزاق عن معمر عن عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب: أن بلالا كان يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلما مات عليه الصلاة والسلام أراد أن يخرج إلى الشام، فقال أبو بكر: تكون عندي. فقال: إن كنت أعتقتني لنفسك فاحتبسني، وإن كنت أعتقتني لله فذرني أذهب إلى الله. فقال: اذهب. فذهب إلى الشام فكان بها حتى مات. لكن قال ابن حجر في التلخيص الحبير: مرسل وفي إسناده عطاء الخراساني وهو مدلس.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير