تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

· أولاً: هذه القِصَّةُ ليس لها سَنَدٌ صحيحٌ، ولم يَثبُتْ عن عَلِيٍّ t أنه تَصَدَّقَ بالخاتمِ وهو راكعٌ، واللهُ يقولُ:?قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ ? [المُؤْمِنُونَ: 1 - 2]، والنَّبِيُّ r يقولُ: (إنَّ في الصَّلاةِ شُغْلًا) أخرجه البخاري ومسلم. فكيف نرضَى لِعَلِيٍّ t وهو من رؤوسِ الخاشعينَ وأئمَّتِهم أن يَتصدَّقَ وهو يُصلِّي، أَمَا كان يستطيعُ أنْ يَنتظرَ حتّى يَقضِيَ صَلاتَهُ ثم يَتصدّقُ؟!!

بالطبعِ كان يستطيعُ ذلكَ، والواجِبُ على المُسلِمِ أنْ يَخشعَ في صَلاتهِ قدرَ ما يَستطيعُ، ويُؤخِّرَ مثلَ هذه الأمورِ إلى ما بعدَ الصَّلاةِ.

· ثانيًا: إنَّ الأصلَ في الزَّكَاةِ أنْ يبدأَ بِها الُمزَكِّي لا أنْ يَنتظِرَ حتّى يَأْتِيَهُ الطَّالِبُ، فأيّهما أفضلُ: أنْ تُبادرَ بدفعِ الزَّكَاةِ، أو أنْ تجلسَ في بيتِكَ تنتظر حتّى يطرقوا عليك البابَ فتعطيَهم زكاةَ أموالكَ؟ لا شكَّ أنَّ الأوّلَ هو الأفضلُ.

· ثَالِثًا: إن عَلِيًّا t كان فقيرًا في حَياةِ رَسُولِ الله r ، ولذلك كان مَهْرُ فَاطِمَةَ من عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما دِرْعًا فقط، لم يمهرْها مالاً غير الدِّرْع؛ لأنه لم يكن له مالٌ t ، فمِثْلُه لا تجبُ عليه الزَّكَاةُ.

· رابعًا: هذه الآيةُ ليس فيها إعطاءُ الزَّكَاةِ في حالِ الرُّكوعِ، وإلاَّ كان كُلُّ إنسانٍ يُمدَحُ إذا دفعَ الزَّكَاةَ وهو راكعٌ؛ لأنَّ اللهَ مدحَ مَن يَدفعُ الزَّكَاةَ وهو راكعٌ، فتكون السُّنَّةُ في دفعِ الزَّكَاةِ أنْ يدفعَها المُسْلِمُ وهو راكعٌ!!، وهذا لم يقلْ به أحدٌ.

خامساً: المُرادَ ركوعٌ آخرُ، نَعَمْ؛ إنّه الخضوعُ لله العظيمِ الجليلِ:

- كما قال اللهُ تباركَ وتعالى عن دَاودَ عليهِ السَّلامُ: ? ... وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ? [ص~: 24]، أيْ: خَرَّ سَاجِدًا، وإنّما سَمَّاهُ رَاكِعًا للذُّلِّ والخُضوعِ لله عزوجل.

- وكما قال اللهُ تعالى: ?وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لاَ يَرْكَعُونَ? [المُرْسَلاَت: 48]، أيْ: اخضَعوا واستسلِموا لأمرِ الله أ.

- وكذلك قال اللهُ تعالى عَن مَرْيَمَ: ? يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ? [آل عِمْرَانَ: 43]، أيْ: اخضعي واخشَعي لأمرِ الله تباركَ وتعالى.

فمَرْيَمُ كانتْ مُنقطعةً للعبادةِ، وهي مِمَّنْ لا تجبُ عليها صَلاةُ الجماعةِ، فليس مقصودُ الله تباركَ وتعالى في هذه الآيةِ أنَّ المُسْلِمَ يُستَحَبُّ له أنْ يدفعَ الزَّكَاةَ وهو راكعٌ.

· سادسًا: سببُ نُزولِ هذه الآيةِ أنه لمّا خَانتْ بنو قينقاع الرَّسُولَ r ذهبوا إلى عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ t كما أخرجَ ذلك ابنُ جَريرٍ في (تفسيرِه)، وأرادوه أنَ يكونَ معهم فتركَهُم وعادَاهُم وتَوَلَّى اللهَ ورَسُولَهُ، فأنزلَ اللهُ جَلَّ وعلا الآيةَ: ? إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ? [المَائِدَة: 55]، أيْ: والحالُ أنّهم خاضعون في كُلِّ شُؤونِهم لله تعالى.

ولذلك قال اللهُ سبحانه وتعالى في أول الآيات:? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ? [المَائِدَة: 51]، يعني عَبْدَ الله بْنَ أُبَيِّ بْنِ سَلُولَ؛ لأنه كان مُواليًا لِبَنِي قينقاع، ولما حصلتِ الخصومةُ بينَهم وبينَ النَّبِيِّ r وَالاَهُم ونصرَهم ووقفَ معهم، وذهبَ إلى النَّبِيِّ r يَشفعُ لهم لما خانوا، أمّا عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ t فإنه تَبَرَّأَ منهم وتَركَهُم، فأنزل الله تباركَ وتعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ?، ثُمَّ عقَّبَ تَباركَ وتعالَى بذكرِ صِفَةِ المؤمنينَ وهو عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ t ومَنِ اتَّبَعَهُ: ?إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير