تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ?، فهذه الآيةُ نزلتْ في عُبَادَةَ t .

سابعًا: الآيةُ جاءتْ بلفظِ الجَمْعِ، وعَلِيٌّ فردٌ واحدٌ، ونحن وإنْ كُنَّا نقولُ إنه يمكنُ أنْ يُذْكَرَ الجَمْعُ ويُرَادُ بهِ الُمفْرَدُ، إلاَّ أنَّ الأصلَ أنه إذا أُطْلِقَ الجمعُ؛ أُريدَ به الجمعُ إلاَّ بقرينةٍ، ولا قرينةَ هنا. والغريب أن عليا يذكر بصيغة الجمع للتعظيم بينما الله جل وعلا ونبيه r يذكران بالإفراد!!.

...

[8]-: ?يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ? [المَائِدَة: 67]؛ قلتَ في هذه الآية: (ألم يؤمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلَّم بتبليغها؟ ألم يضيق عليه في ذلك بما يشبه التهديد من الله عزّ وجلّ حيث يقول وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ ... الآية).

فأقولُ: إنَّ دعوَى نُزولِ هذه الآيةِ في (غدير خم) بعدَ قَولِ النَّبِيِّ r لِعَلِيٍّ: (مَنْ كنتُ مَولاهُ؛ فهذا عَلِيٌّ مَولاهُ)؛ لا تُسَلَّمُ لكَ، بل تأبَى عليكَ أشَدَّ الإباءِ؛ وذلكَ أنَّ الحديثَ الواردَ في ذلكَ الذي أخرجَهُ الواحِديُّ في (أسبابِ النُّزولِ) مردودٌ لأسبابٍ: -

1 - فيه: (عَطِيَّةُ بنُ سَعْدٍ العَوْفِيُّ)؛ هو ضَعيفٌ مشهورٌ.

2 - وفيه: (عَلِيُّ بنُ عَابسٍ)؛ قال ابنُ مَعينٍ: (ليسَ بشيءٍ). وقال ابنُ حِبَّانَ: (فحُشَ خطؤُهُ فاستُحِقَّ التَّرك).

3 - أخرج التِّرمذيُّ في (سُنَنِهِ) (3046) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ r يُحْرَسُ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ? وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ? [المَائِدَة: 67]؛ فَأَخْرَجَ رَسُولُ الله r رَأْسَهُ مِنَ الْقُبَّةِ، فَقَالَ لهم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ! انْصَرِفُوا؛ فَقَدْ عَصَمَنِي اللهُ). ولكن اُخْتُلِفَ في إسنادِهِ، والظَّاهِرُ أنّه مُرسَلٌ؛ قال التِّرمذيُّ ـ عقبه ـ: (هذا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. وَرَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الحَدِيثَ عَنِ الجُرَيْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ r يُحْرَسُ ... ولَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ عَنْ عَائِشَةَ).

وله شاهدٌ من حديثِ أبي هُرَيْرَةَ t في قِصَّةِ الأعرابيِّ الذي أرادَ قتلَ النَّبِيِّ r وفيه: فأنزلَ اللهُ: ? يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ? [المَائِدَة: 67]. ذكره ابن كثير في تفسيره.

وقد سبقَكَ الحِلِّيُّ بدعوَى أكبر من هذه في كتابِه (منهاج الكرامة)؛فادَّعَى اتِّفاقَ المُفَسّرينَ على نُزولِ هذه الآيةِ في عَلِيٍّ!!

قال الطَّبَرِيُّ:

(هذا أمرٌ مِنَ الله تعالى ذكرُهُ نبيَّهُ مُحَمَّدًا بإبلاغِ هؤلاءِ اليَهودِ والنَّصَارَى مِن أهلِ الكتَابَيْنِ الذين قَصَّ تعالى ذكرُهُ قَصَصَهُمْ في هذه السُّورةِ، وذكرَ فيها معايبَهُم) اهـ.

وقال القُرطُبِيُّ: ((دَلَّتِ الآيةُ على رَدِّ قولِ مَنْ قال: (إنَّ النَّبِيَّ r كتمَ شيئًا منَ أمرِ الدِّينِ تقيَّةً!). وعلى بطلانهِ، وهمُ الرَّافِضَةُ)) اهـ.

وقال الشَّوكانِيُّ: (العمومُ الكائنُ فيما أنزلَ؛ يفيدُ أنه يَجِبُ عليهِ أنْ يبلِّغَ جميعَ ما أنزلَ اللهُ إليهِ لا يكتمُ منه شيئًا، وفيه دليلٌ على أنه لَمْ يسِرَّ إلى أحدٍ شيئًا مما يَتعلَّقُ بما أنزلَ اللهُ إليهِ) اهـ.

[9]-: ?وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ? [الأَعْرَاف: 46]؛ إنكّ لو قرأتَ الآياتِ التي قبلَها والآياتِ التي بعدَها؛ لَعَلمتَ أنّكَ خُضْتَ في أمرٍ ما كان لكَ أنْ تخوضَهُ.

وذلكَ لأنَّ اللهَ تعالى يَتكلَّمُ عن أصحابِ الجَنَّةِ وأصحابِ النَّارِ، وذكرَ قومًا بينهما قال تعالى: ? وَنَادَى أَصْحَابُ الجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ ... ? [الأَعْرَاف: 44].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير