نبيه-صلى الله عليه و سلم-و عباده المؤمنين و الله المستعان و عليه التكلان و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم. و هذا أوان الشروع في المقصود.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الباب الأول
ـــــــــ
الفصل الأول: تعريف القتل لغة و اصطلاحا.
القتل لغة:-
إزهاق النفس و إذهابها (1).
و قد عرفه ابن عرفه في الاصطلاح بقوله:\" زهوق نفسه بفعلة ناجزا أو عقب غمرته \" (2).
و يراد \"بالزهوق \": خروج النفس – بسكون الفاء -.
و قوله \" بفعله \": أي بفعل جاني، سواء كان متعمدا أو غير ذلك.
و قوله \"عقب غمرته \": أي عقب إصابة الجاني له أي أن تزهق نفسه بسبب إصابة الجاني
عمدا أو خطئا.
و للقتل أنواع ثلاثة نعرض لها في الفصل التالي.
ــــــــــ
(1) لسان العرب لابن منظور 11/ 547.
(2) شرح حدود ابن عرفة للرصاع 2/ 614.
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
الفصل الثاني:أنواع القتل.
قبل أن أشرع في بيان المقصود أود أن أشير إلى أن عبارة الفقهاء قد اختلفت في التعبير عن أنواع القتل، لكنه اختلاف تنوع لا اختلاف و قد قسم العلماء القتل بحسب صفته إلى عدة أقسام (1). و المقصود من هذه الأقسام
هي التي يترتب عليها الأحكام فهي كالآتي:-
الأول:قتل العمد و هو أن يقصد إنسان قتل آخر بآلة تصلح له غالبا. أي أن الآلة تصلح لأن تكون قاتلة كالسيف و السلاح و نحوه. و هذا المذكور في قوله تعالى: (و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) (2). و العمد فيه القصاص أو الدية إن عفي
أولياء الدم.
الثاني:قتل شبه العمد (3). و هو أن يقصد إنسان قتل آخر بآلة لا تصلح للقتل غالبا كالعصا و نحوها. و يلاحظ في هذا القسم أنه لم يلحق بالعمد لأنه لم يضرب بما يقتل، كما أنه لم يلحق بالخطأ لأنه تعمد الاعتداء فكان قسما ثالثا بينهما. و أصله ما رواه عبدالله بن عمرو بن العاص أن الرسول – صلى الله عليه و سلم – قال: \" …… .. ألا إن دية
الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط و العصى و مئة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها
\" (4).
الثالث: قتل الخطأ. و هو أن يفعل ما له فعله فيصيب آدميا معصوما لم يقصد فيقتله. أو يقتل مسلما في صف الكفار يظنه كافرا.
الرابع:ما جرى مجرى الخطأ (5). كما لو حفر حفرة في طريق أو بئرا أو أوقف فيه سيارة فتلف بسبب ذلك إنسان فقتلة. فذاك جار مجرى الخطأ. و هو ما يسمى القتل بالسبب.
و في النوعين السابقين قال تعالى: (و من قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة و دية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم و بينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله و تحرير رقبة
مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين) (6). ففي هذه الآية أوجب الله على
القاتل الكفارة و هي عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد وجب عليه الصيام شهرين متتابعين
. كما أوجب عليه الدية و قد أجمع أهل العلم على أن الدية في قتل الخطأ تجب على
العاقلة.
ـــــــــــــ
(1) شرح فتح القدير 10/ 203، المعونة 3/ 1306،شرح حدود ابن عرفة 2/ 614،الإقناع للشربيني
2/ 395،شرح الزركشي على مختصر الخرقي 6/ 46، الملخص الفقهي للشيخ صالح الفوزان 2/ 375.
(2) سورة النساء [93].
(3) في رواية عن مالك أنه يجعل هذا من قسم العمد و لا يعتد بشبه العمد.
(4) رواه أبو داود في سننه،كتاب الديات باب دية الخطأ شبه العمد (4535).
(5) هذا عند الحنابلة و الحنفية.انظر شرح فتح القدير 10/ 203،و انظر شرح الزركشي 6/ 46.
(6) سورة النساء [92].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
\" ودليل ذلك ما رواه الإمام مسلم من حديث المغيرة بن شعبة: \" أن امرأة ضربتها
ضرتها بعمود فسطاط فقتلتها و هي حبلى، قال فجعل رسول الله – صلى الله عليه و سلم –
دية المقتول على عصبة القاتل \" (1).
و الحكمة في ذلك أن إيجاب الدية في مال المخطئ فيه ضرر عظيم من غير ذنب تعمده و
الخطأ يكثر وقوعه ففي تحميله ضمان خطئه إجحاف بماله و لا بد من إيجاب بدل للمقتول
لأنه نفس محترمة و في إهدار دمه إضرار بورثته لا سيما عائلته , فالشارع الحكيم
أوجب على من عليهم موالاة القاتل و نصرته أن يعينوه على ذلك، و ذلك كإيجاب
¥