تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ بَذْلَ الْعَيْنِ الْمُعَجَّلَةِ لِلرِّبْحِ , وَأَخْذَهَا لِلْحَاجَةِ كَمَا قَالُوا فِي نَحْوِ ذَلِكَ: التَّوَرُّقُ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ الْوَرِقَ.

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ: أَنَا أَظُنُّ أَنَّ الْعِينَةَ إنَّمَا اُشْتُقَّتْ مِنْ حَاجَةِ الرَّجُلِ إلَى الْعَيْنِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَيَشْتَرِي السِّلْعَةَ وَيَبِيعُهَا بِالْعَيْنِ الَّذِي احْتَاجَ إلَيْهِ وَلَيْسَتْ بِهِ إلَى السِّلْعَةِ حَاجَةٌ وَتُطْلَقُ الْعِينَةُ عَلَى نَفْسِ السِّلْعَةِ الْمُعْتَانَةِ.

وَمِنْهُ حَدِيثٌ ذَكَرَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ فِي النَّسَبِ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ , أَنَّهُ قَالَ لابِيهِ عَبْدِ اللَّهِ: اُغْدُ غَدًا إلَى السُّوقِ فَخُذْ لِي عِينَةً , قَالَ: فَغَدَا عَبْدُ اللَّهِ فَتَعَيَّنَ عِينَةً مِنْ السُّوقِ لابِيهِ , ثُمَّ بَاعَهَا فَأَقَامَ أَيَّامًا مَا يَبِيعُ أَحَدٌ فِي السُّوقِ طَعَامًا، وَلا زَيْتًا غَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ تِلْكَ الْعِينَةِ , فَلَعَلَّ هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِمْ: كِسْرَةٌ وَمِنْحَةٌ لِلْمَكْسُورَةِ وَالْمَمْنُوحَةِ.

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ الْعِينَةِ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ وَإِلا لَمَا أَدْخَلَهَا فِي جُمْلَةِ مَا اسْتَحَقُّوا بِهِ الْعُقُوبَةَ.

وَكَذَلِكَ فِي الاخْذِ بِأَذْنَابِ الْبَقَرِ , وَهُوَ عَلَى مَا قِيلَ الدُّخُولُ فِي الارْضِ الْخَرَاجِ بَدَلا عَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ , وَقَدْ تَقَدَّمَ , عَنْ الاوْزَاعِيِّ , عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: {لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَسْتَحِلُّونَ الرِّبَا بِالْبَيْعِ}. يَعْنِي الْعِينَةَ. فَهَذَا شَاهِدٌ عَاضِدٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ.

وَكَذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ: {مَا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الرِّبَا وَالزِّنَا}.

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْعِينَةِ يَعْنِي بَيْعَ الْحَرِيرَةِ فَقَالَ: {إنَّ اللَّهَ لا يُخْدَعُ هَذَا مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ}. رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ الْحَافِظُ الْمَعْرُوفُ بِمُطَيْنٍ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ.

وَالصَّحَابَةُ إذَا قَالَ حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ , أَوْ أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ , أَوْ أَوْجَبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ , أَوْ قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَنَحْوَ هَذَا , فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا لَوْ رَوَى لَفْظَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّالَّ عَلَى التَّحْرِيمِ وَالامْرِ وَالإيجَابِ وَالْقَضَاءِ. لَيْسَ فِي ذَلِكَ إلا خِلافٌ شَاذٌّ.

لأنَّ رِوَايَةَ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى جَائِزَةٌ , وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَعْنَى مَا سَمِعَ، فَلا يُقْدِمُ عَلَى أَنْ يَقُولَ أَمَرَ , أَوْ نَهَى , أَوْ حَرَّمَ إلاّ بَعْدَ أَنْ يَثِقَ بِذَلِكَ , وَاحْتِمَالُ الْوَهْمِ مَرْجُوحٌ كَاحْتِمَالِ غَلَطِ السَّمْعِ. وَنِسْيَانِ الْقَلْبِ.

وَقَدْ رَوَى مُطَيْنٌ أَيْضًا , عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اتَّقُوا هَذِهِ الْعِينَةَ , لا بَيْعَ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ وَبَيْنَهُمَا حَرِيرَةٌ.

وَفِي رِوَايَةٍ , عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلا بَاعَ مِنْ رَجُلٍ حَرِيرَةً بِمِائَةٍ , ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِخَمْسِينَ , سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ ذَلِكَ , فَقَالَ: دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ مُتَفَاضِلَةٍ دَخَلَتْ بَيْنَهَا حَرِيرَةٌ.

ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُ , وَفِي لَفْظٍ رَوَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ النَّجَشِيُّ الْحَافِظُ وَغَيْرُهُ , عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْعِينَةِ يَعْنِي بَيْعَ الْحَرِيرَةِ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ لا يُخْدَعُ هَذَا مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. ذَكَرَهُ عَنْهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلافِهِ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير