مجهولٌ عنعن!! فكم فيه علة؟؟
ـ[عبد الكريم آل عبد الله]ــــــــ[27 - 02 - 10, 09:29 م]ـ
قال الشيخ فهد السنيد حفظه الله:
فائدة: إذا كان في الإسناد راوٍ مجهول وروى عمن فوقه بالعنعنة فإنه يكون في الإسناد علتان هما: الجهالة والإنقطاع, وهذا مما يخفى على كثير من طلبة العلم, فتجدهم إذا رأوا اسناداً فيه راوٍ مجهول قد روى عمن فوقه بالعنعنة في جميع طرقه, أو كان المحفوظ عنعنته دون تصريحه لا يعلون الإسناد إلا بالجهالة, والواقع أن فيه علتان هما: الجهالة والإنقطاع, فلا يمكن تقويته بإسناد آخر فيه علة واحدة.
قال علي بن المديني في العلل ص 260: في حديث ابن مسعود في ليلة الجن: رواه غير واحد عن عبدالله منهم علقمة و ....... وأبوزيد مولى عمرو بن حريث ..... ورواه سفيان عن أبي فزارة عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث عن عبدالله بن مسعود, فخفت أن لا يكون أبو زيد سمعه من عبدالله لأني لم أعرفه ولم أعرف لقبه، فرواه شريك عن أبي فزارة عن أبي زيد قال ثنا عبدالله بن مسعود فجوده بقوله حدثنا عبدالله بن مسعود-انتهى-, فتأمل هذا النص من علي بن المديني رحمه الله تجد صحة ما قدمت لك والله أعلم, على أنه يمكن تصحيح رواية المجهول إذا استقام إسناد حديثه ومتنه, فقد صحح أحمد ويحيى بن معين حديث أبي سعيد في بئر بضاعة مع أن فيه راوياً مجهولاً وهو الراوي عن أبي سعيد, وقد اختلف في اسمه على أقوال, وصحح الحفاظ البخاري وغيره حديث أبي قتادة في الهرة: (إنها من الطوافين عليكم) مع أن في سنده جهالة, وصحح علي بن المديني حديث أبي بن كعب في (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده) مع ما فيه من الجهالة إلى غير ذلك من الأحاديث التي صححها الحفاظ, مع ما في أسانيدها من الجهالة والله أعلم.
ـ[عبد الكريم آل عبد الله]ــــــــ[04 - 03 - 10, 12:03 م]ـ
زيادة توضيح من الشيخ فهد السنيد:
اتصال الإسناد شرط لصحة الحديث, وقد أعل الحفاظ أحاديث رواتها ثقات بعلة عدم سماع بعضهم من بعض, وإذا كان الأمر كذلك فمن باب أولى أن يعلوا الأحاديث التي في أسانيدها جهالة بالإنقطاع إذا لم يثبت سماع بعضهم من بعض؛ وخاصة إذا كان المتن مخالفاً للأصول من الكتاب والسنة, وتصحيح الحفاظ أو بعضهم لأحاديث في أسانيدها جهالة هو جزماً بثبوت الإتصال أو قيام القرينة بذلك, ولا يظن بالحفاظ أنهم يعلون أسانيد رواتها ثقات بالإنقطاع ثم يصححون أسانيد مجهولة مع ما فيها من الانقطاع, وعليه فكل حديث في سنده جهالة صححه الحفاظ فهي أحاديث بأسانيد متصلة وليس فيها علة إلا الجهالة؛ والجهالة ليست بعلة قادحة بإطلاق, بل إذا استقام حديث المجهول سنداً ومتناً صُحِّح حديثه, ومن استقامة الإسناد الإتصال وألا يكون هناك اختلافاً مؤثراً في الإسناد يحول دون تصحيحه؛ بأن يقع اختلاف في رفعه ووقفه ويرجح الموقوف, أو في وصله وإرساله ويرجح المرسل, فهنا لا يمكن تصحيح حديث المجهول, وأما إذا كان الراجح الرفع أو الوصل فهنا يحكم الحفاظ بصحة الحديث بالشرط المذكور, ولهذا أعل علي بن المديني حديث ابن مسعود: (تمرة طيبة وماء طهور) بأنه خاف أن يكون أبوزيد لم يسمعه من عبدالله بن مسعود لأنه لم يعرفه ولم يعرف لقبه, وأما قول شريك في روايته: حدثنا عبدالله فليس بمحفوظ؛ بل المحفوظ في روايته ورواية غيره العنعنة لا التصريح, ولهذا قال البخاري: "رجل مجهول لا يعرف بصحبة عبدالله", وقال ابن حبان: "يروي عن ابن مسعود مالا يتابع عليه, ليس يدرى من هو, لا يعرف بلده ولا أبوه, والانسان إذا كان بهذا النعت ثم لم يرو إلا خبراً واحداً خالف فيه الكتاب والسنة والإجماع والقياس والنظر والرأي يستحق مجانبته فيها ولا يحتج به"-انتهى-, وبهذا يعلم أن حفاظ الحديث ونقاده من المتقدمين فرقوا بين مجهول استقام إسناد حديثه ومتنه فقبلوا حديثه, ومجهول لم يستقم إسناد حديثه ومتنه أو أحدهما فردوه, ويصحح الحفاظ أيضاً أحاديث من وُصفوا بالتدليس ولو عنعوا إذا ثبت عندهم أنهم لم يدلسوا في ذلك الإسناد, ويصححون أيضاً أحاديث المختلط ولو كان من رواية من روى عنه بعد الإختلاط, وكذلك يصححون حديث سيء الحفظ أو كثير الخطأ إذا ثبت عندهم أنه من صحيح حديثهم, وقد يعلون أحاديث الثقات بعلة أو بأخرى, فمنهجهم في هذا مبني على القرينة تصحيحاً وتضعيفاً, وأنه لا تعارض ولا تناقض في منهجهم ومنهج من اتبع سبيلهم, وأما المتأخرون ومن اتبع سبيلهم فهم بمعزل عن معرفة منهج المتقدمين في التصحيح والتضعيف, فكل حديث عندهم في سنده مجهول أو مدلس وقد عنعن أو مختلط من رواية من روى عنه بعد الإختلاط وغير ذلك فهو ضعيف, وكل حديث رواته ثقات فهو صحيح, وكل زيادة من ثقة فهي مقبولة, وهو منهج ضعيف بلا شك, وأنا أشبه منهج المتأخرين بمنهج أهل الرأي, حيث أعيتهم النصوص والآثار فذهبوا إلى الرأي, وكذلك هؤلاء المتأخرون أعياهم فهم منهج المتقدمين فتركوه وذهبوا إلى غيره والله المستعان.