تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المعلومة الفقهية: هل هي بحاجة إلى نشر؟ وقد صارت أداة نشر!]

ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[28 - 03 - 09, 03:19 م]ـ

المعلومة الفقهية:

هل هي بحاجة إلى نشر؟

وقد صارت أداة نشر!

قبل نحو أربعين سنة، وبالتحديد في عام 1390هـ. ألقى في الجامعة الإسلامية: فضيلة الشيخ السيد محمد المنتصرالكتاني - رحمه الله - المستشارالعام لرابطة العالمالإسلامي، والمدرس في الجامعة الإسلاميةآنذاك: محاضرةً بعنوان "موسوعات الفقه الإسلامي، أو معاجم القوانين الفقهية"،

عَرَضَ فيها الأستاذ الكتاني مشروعه الواضح من عنوان المحاضرة، ورأى أن أولى الناس بها ملك البلاد، راعي الحرمين الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله،

ثم علَّق عليها الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، وأيده في ضرورة ذلك، وذكر بعض التنبيهات المهمة، (1)

ولا أدرى في ساعتي هذه ما فعل الله بهذا المشروع، أولد، أم في مهده وئد،

لكن مما هو معلوم أن الكتاني هو صاحب موسوعة فقه ابن حزم، وأنه في تلك المحاضرة قد شعر بالمشكلة، وأنه أشعر بها غيره.

كان ذاك قبل نحو أربعين سنة حين كان توفر المعلومة الفقهية هي مشكلة بحد ذاتها، والحصول عليها يكلف الكثير، هذا إن أمكن.

وقبل ذلك أيضاً كانت هناك محاولات حثيثة للفقهاء في استصدار الموسوعات , ونتجت منها عدة محاولات أبرزها الموسوعة الكويتية.

وقبل ذلك أيضاً المجلات السيارة وكيف كانت تطير بأخبار العلماء من مختلف البلاد.

كانت جهوداً في محلها، وتلامس حاجة ماسة، فأثمرت وأينعت، لكن ليس بالضرورة أبدا أن تكون الحال اليوم كذلك

فقد أصبحت المعلومة الفقهية هي من القرب بمكان، أن تناله الأيدي الناشئة،

وقد أصبحت من الكثرة أن آلت إلى آثار عكسية، أظهرها تصدر غير المتأهلين؛ وتضخم نسبة المشيخة

مما سبب من التفلت والتسيب ما لا يتفق مع تشوّف الشارع إلى ضبط الناس؛ فتأمل كيف كانت ندرة المعلومة الفقهية مشكلة، وكيف صارت كثرتها اليوم مشكلة، لا، وعويصة أيضاَ!

ومع تعدد أشكال العرض المعاصر للناتج الفقهي القديم منه والحادث ومع ازدهار طبع الكتب وتوسع دور النشر وما أتت به طفرة الإعلام مِنْ تصوير دقيق للمعلومة من لحظة بروزها إلى تفاني ألفاظها، إلى البرامج العلمية المفهرسة، وانتهاء بالمواقع العلمية الشبكية، إلى غير ذلك مما أكون قد تخطَّيتُه.

هذا، ومع تراجع الدور الاجتهادي في التعامل مع المعلومة مصدرا وموردا أخذا وردا صارت المعلومة بكافة صورها هي الحاكمة بحسب ورودها أياً كان شكلها، على النمط القديم، على النمط الواسع، نمط مخيف، نمط مختلف، وصار من قوة ورودها على المتفقهة فضلا عن غيرهم من عامة الناس: محكمة بسياج مكتوب على أققاله: فضلاً، حفاظاً على سلامتك، خطر، ممنوع الاقتراب!

كل ذلك وغيره يجعل من الضرورة النظر في إعادة النظر في إعطاء أولوية لنشر المعلومة.

ولا مناص من النشر فهو السبيل الوحيد إلى إخراج المكنون، لكن لا أن يكون أولوية تبذل لأجلها نفائس الزمن، وتستنفق فيها أجاويد الرجال، فلنتمهل قليلاً، ولنتئد.

وبجدية ويقظة فإلى مراجعة مكونات هذه المعلومة الفقهية، ولتحليلها وفق معايير علمية بالغة في الدقة، فمن مشكوكٍ في نسبته، إلى دسيسة خبِّئت تحت جلدته، ولنستودع الفوضى ولو إلى أجل.

وإن حاجة المتفقهة في هذه الساعة أكثر ما تكون إلى تحرير المعلومة الفقهية، ولتحريرها موضوع مستقل بإذن الله.

=========================

1) المحاضرة بتعليق الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله مودَعة في الموقع العلمي "ملتقى المذاهب الفقهية والدراسات العلمية".

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير