تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل يجوز (التعويض المالي عن الضرر المعنوي)]

ـ[محمد بن علي البيشي]ــــــــ[16 - 04 - 09, 11:33 ص]ـ

وهو جزء من بحثي للماجستير /

الجرائم المعلوماتية المالية - بين الفقه الإسلامي والقوانين المعاصرة (المعهد العالي للقضاء).

مأخوذ من المطلب الثاني في الفصل الرابع.

أسأل الله أن ينفع به.

جزء من –

المطلب الثاني: موقف الفقه الإسلامي من التعويض عن الضرر.

التعويض عن الضرر المادي. . .

.. وأما التعويض المالي عن الضرر المعنوي والذي يعبر عنه بـ " التعويض عن الأضرار غير المالية "؛ فقد اختلف فيه الفقهاء على قولين:

ــ القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء بأنه لا تجوز المطالبة بالتعويض المالي عن الضرر الأدبي، و صدرت بذلك أقوال معاصرة؛ منها قرار مجمع الفقه الإسلامي (1)، و أدلة هذا القول هي:

1) انعقاد الإجماع من الفقهاء الأولين على عدم جواز التعويض المالي عن الأضرار المعنوية، بل الحد أو التعزير (2).

2) أن التعويض عما يشين الإنسان في عرضه بالمال يعتبر من باب أخذ المال على العرض؛ وهذا لا يجوز، جاء في مواهب الجليل: (ومن صالح من قذف على شقص أو مال لم يجز ورد ولا شفعة فيه بلغ الإمام أم لا) (3)، و الوقوع في العرض ضرر معنوي، فأي ضرر معنوي آخر يأخذ حكمه.

3) أن الضرر المعنوي ليس فيه خسارة مالية، فلا يمكن تحديده وتقديره، والتعويض في الفقه الإسلامي لا يكون إلا عن ضرر مالي محسوسٍ واقع فعلاً، أو ما في حكمه.

4) أن التعويض بالمال يقوم على الجبر بالتعويض، وذلك بإحلال مال محل مال مفقود مكافئ أو قريب له، و الضرر المعنوي لا يجبره التعويض المالي ولا يسده؛ فلذلك وضعت له الشريعة ما يناسبه من الحد والتأديب.

5) أن إعطاء المال في هذا النوع من الضرر لا يرفعه، ولا يزيله، فأخذ المال فيه لا يعود بالثقة التي فقدها البنك في الجرائم المعلوماتية ـ مثلاً ـ إلى ما كانت عليه من السلامة.

ــ القول الثاني: يرى البعض من المعاصرين جواز التعويض المالي عن الأضرار المعنوية وهو منسوب للحنفية، والإمام الشافعي (4)، واستدلوا بما يلي:

1) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) (5).

ووجهه: أن التحريم في الحديث عام على كل أنواع الضرر، ومنها الضرر المعنوي، فيكون حكم التعويض شاملاً له دون تفريق.

المناقشة عن وجه الاستشهاد: الحديث خارج محل النزاع؛ لعدم دلالته على التعويض المالي عن الضرر المعنوي، بل أقصى ما فيه تحريم الضرر دون التعرض للتعويض عنه.

ومع القول بدفع التعويض عن الضرر المالي ـ مع عدم انضباطه ـ إضرار للمعوِّض، وهذا الحديث جاء بمنع الضرر على الطرفين.

2) ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة الوداع يوم النحر: (فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام .. ) (6).

ووجهه: أنه صلى الله عليه وسلم عطف تحريم العرض على النفس والمال، وهما مما يعوض عنهما بمال، فكذلك يجوز أخذ العوض عن الضرر المعنوي.

المناقشة عن وجه الاستشهاد: أن دلالة التحريم موجودة وظاهرة، ولكن اللفظ قاصر عن إثبات التعويض المالي عن الضرر المعنوي، وأيضاً الراجح في دلالة الاقتران أنها ضعيفة لا يعول عليها (7)، فالدليل خارج محل النزاع.

3) الاعتماد على بعض أقوال الفقهاء مثل:

أ - ما جاء عن محمد بن الحسن (8) في الجراحات التي تندمل دون أن يبقى لها أثر، أنه: (يجب فيها حكومة عدل، بقدر ما لحق المجروح من الألم) (9) فقدر الألم بالمال.

ب - وجاء في مجمع الضمانات: (ولو شج رجلاً فالتحمت ولم يبق لها أثر، ونبت الشعر ... أبو يوسف (10): عليه أرش الألم، وهو حكومة عدل) (11).

وجه الاستدلال: أن الفقهاء قرروا التعويض المالي عن مجرد الألم ـ وهو ضرر معنوي ـ مثله مثل فقد الثقة، فهو دليل على تسويغ التعويض عنه مالاً.

المناقشة عن هذين القولين: أن الضرر هنا ليس خالصاً بل هو مبني على ضرر مادي، فيكون كأثرٍ له؛ متصلٍ به، فيخرج عن محل النزاع.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير