تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المقاطعة لاقتصادية]

ـ[ليث الدين القاسمي]ــــــــ[22 - 03 - 09, 01:55 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين, أما بعد:

هذا تفريغ محاضرة الشيخ عبد المنعم الشحات حفظه الله تعالى بعنوان: "وقفة مع المقاطعة"

بين فيها الحكم الفقهي للمقاطعة الاقتصادية والضوابط الواجب توفرها عند الدعوة إليها


تعريف المقاطعة:

يصعب إيجاد تعريف محدد لها لأن هذه الدعوة حديثة نسبيا وكل ما خرج من مقالات تؤيدها عبارة عن مقالات صحفية أو دعوات شفهية ولكننا نجتهد ان نصوغ الفكرة كما أراد لها أصحابها أن يصوغوها للأمانة فى العرض.
فأقرب ما يمكن تعريف المقاطعة به عند القائلين بها:
(هى المنع من الشراء من الشركات التى تدعم بنفسها أو تقوم دولها بدعم عمل عدائي ضد المسلمين)
وهذه القضية تدعو إليها قوى إسلامية و قوى وطنية و لذلك نجد كلمة المسلمين بدلت بالعرب و أنهم لا يذكرون كلمة الكفار وفقا للداعى إلى هذه القضية
و الدعاة إلى المقاطعة لا يمنعون من البيع للكفار لأنه من حيث النظرة الاقتصادية المعاصرة مطلوب التوسع فيه, وبعض الداعين إلى هذه القضية نجد عنده تمييعا كبيرا فى مسائل هى من الولاء المحرم كالقتال فى جيوش الكفار ضد المسلمين و كالتهنئة بأعياد الكفار ثم هو يتشدد فى هذه القضية.
و قد يضيف البعض قيودا على هذا التعريف فأضفوا قيدا فى السلعة: فذكروا أن المقاطعة تكون فى السلع الكمالية و هى التى يمكن الاستغناء عنها بسهولة أو فى السلع الضرورية و الحاجية إذا كان لها بديل من صنع شركات لا تقوم هى و لا دولها بدعم عمل عدائي ضد المسلمين و يحبذون المنتج المحلي و لا يعنون به ما قام المسلمون بصنعه لأن هناك مزجا فى هذه القضية لأنها مصبوغة بالصبغة القومية.
و القائلون بها يحرمون الشراء من الكفار و يضعونه فى باب الموالاة المحرمة بل إن بعضهم يغلو جدا فى هذه القضية إلى الحد الذى قال فيه بعضهم إن شرب الكوكاكولا أشد تحريما من شرب الخمر.

الأدلة التى يستدلون بها:

1 - أن الضرر الذى سيلحق بهذه الشركات من جراء مقاطعة المسلمين لها سوف يدفعهم لتغيير مواقفهم العدائية ضد المسلمين.

2 - أن المشركين قاطعوا المسلمين فى شعب أبى طالب فمقاطعتهم من باب المعاملة بالمثل.

3 – و قد احتج لهم من له اطلاع على كتب أهل العلم بقصة ثمامة بن أثال رضى الله عنه لما أسلم و منع الميرة عن كفار قريش حتى يأذن الرسول صلى الله عليه و سلم فأمره النبي بعد أن ناشدته قريش الله و الرحم و هذا أقوى أدلتهم و ستأتى مناقشته فيما بعد.

وقفة للمراجعة فى هذه القضية:

فهذه القضية خطيرة لذلك لا بد من تناولها.

و قد يتساءل البعض:

هل يسعنا السكوت على ما نراه تجاوزا فى هذه القضية على اعتبار أن هذه القضية سوف تصب فى قناة التبرؤ من الكافرين و لعلها تثمر نوعا من الفوائد؟
فالجواب:

لا يسعنا ذلك لاعتبارات:
1 - حرمة القول على الله تعالى بغير علم, قال الله تعالى:"ولا تقولوا لما تصف السنتكم الكذب هذا حلال و هذا حرام لتفتروا على الله الكذب"
2 - أن كثير ا من الناس يقتنع بهذا التحريم و يقتنع أن شرب الكوكاكولا كشرب الخمر و لكنه لا يستطيع أن يلتزم فى جوانب المقاطعة فيقول له الداعية:التزم فيما تستطيع.
و هذا خطير لأنه بعد اعتقاده حرمتها وأن شربها كشرب الخمر, فإذا شربها فعليه إثم شارب الخمر أو أقل منه لجرأته على ما اعتقد أنه حرام, و هذا من باب قول الله تعالى:" ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء مرضات الله فما رعوها حق رعايتها " فعاب عليهم البدعة و عاب عليهم أنهم بعد ما اعتقدوا أنها من الدين تركوها ,و لذلك ذهب العلماء أن من تعاطى المباح و هو يظن أنه محرم فعليه إثم المعصية لجرأته على ما اعتقد أنه حرام فلو وجد كوب ماء فشربه ظانا أنه خمر فعليه إثم , و اختلفوا هل هو كإثم شارب الخمر أم لا فذهب بعضهم إلى أن الإثم يساوى إثم المعصية و ذهب العز بن عبد السلام إلى أن الإثم أقل لكن فى كل حال يكتسب الشارب إثما عظيما.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير