تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[رسالة: تخريج حرمة ربا الأوراق النقدية المعاصرة على المذاهب الأربعة]

ـ[محمد رشيد]ــــــــ[23 - 04 - 09, 04:16 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمدا يوافي نعمه و يكافئ مزيده، لك الحمد ربنا كما ينبغي لجلال وجهك و لعظيم سلطانك، نحمدك ربنا لا نحصي ثناءا عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، و صل اللهم و سلم على سيدنا محمد و على آله و أصحابه أجمعين.

أما بعد ..

فإن المطلع على ما سطره أئمة الفقه المعتبرون في مصنفاتهم الفروعية الموروثة يلحظ ـ إلى جانب عمقها البحثي و تأصيلها الشرعي ـ تنزيلا لهذا المسطور في قالب الواقعية و العصر الذي يعيشه المصنف، فلا نكاد نجد كتابا فقهيا متقدما لإمام معتبر، إلا ولحظنا فيه قصد المصنف إلى وضع الأحكام الشرعية على صياغة عصره وواقعه، و لما جد ووقع في زمانه من الوقائع التي لم يعرفها أسلافه و لم يسطروها في كتبهم، و على ذلك يجب على كل باحث في الفروع أن يصيغ لغة حديثه وتصنيفه بصياغة و لغة و أسلوب زمانه، لأنه من المعلوم ضرورة أن التصنيف ما هو إلا (وسيلة) لإيصال الحكم الشرعي أو الفائدة، و هذه (الوسيلة الإيصالية) تختلف من عصر لآخر كما هو معلوم لا يمكن إنكاره، و هذا الذي ذكرناه هو مما يعلم بالبديهة، و لا يفتقر إلى تنظير و استدلال، فالفقه كما يعرفه علماء الأصول هو:

(الأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية)

و الذي يعنينا من التعريف هو لفظ (العملية)، فالفقه هو الأحكام العملية، و لا يصدر إلا من الأحياء، فهم المكلفون به، و المخاطبون بالأحكام، و يلزم من ذلك كون البحث الفقهي متضمنا في إطار الواقع، و في إطار الإمكان التطبيقي لهذه الأحكام، و من هذا المنطلق نستطيع أن نقول إن (الدارس المنغلق) على المسائل التي لا كبير فائدة من تحصيلها و لا يتعلق بها عمل يعبد الله تعالى به في أرضه، نستطيع أن نقول إنه لا يعرف مغزى الفقه، و لا دراية حقيقية له بمعنى الفقه الذي صاغه الأصوليون، من كونه أحكاما يتعلق بها عمل و مستنبطة من الأدلة التفصيلية، بل الواقع ليشهد بأن معظم من انغلقوا على أنفسهم في دراسات نظرية لا تعلق لها بالتطبيق، نجدهم ممن لا يقوون على مواجهة التحديات و النوازل المعاصرة، و نجدهم يجبنون عنها، وهم مع ذلك لا يسلّمون بجانبهم السلبي، بل يخادعون أول ما يخادعون أنفسهم بأن ما هم غارقون فيه هو الفقه الأصيل الذي سطره أئمتنا الفقهاء، و نحن لا نعارضهم في أصالة هذا الفقه، و لكن نأبى أن يكون هذا الفقه أبترا قاصرا عن احتواء زماننا، بل نحن نؤكد أصالة هذا التراث الفروعي باشتراط التأسس عليها لمن رام التفقه، وكلامنا في إيجاب التمذهب لمن رام الفروع معروف، إلا أن دراسة هذه الكتب تعد مرحلة تأسيسية و نقطة انطلاق، لا مرحلة انتهائية و نقطة توقف، فهي بمثابة الوسيلة إلى الغاية الأكبر، ألا و هي عبادة الله تعالى في أرضه بتطبيق أحكامه، و هذا هو دأب أئمتنا المعتبرين في القديم و الحديث، فها هو الإمام محمد بن الحسن الشيباني، قال عنه ابن عابدين في شرح عقود رسم المفتي:

(و في البحر عن مناقب الإمام محمد للكردري كان محمد يذهب إلى الصباغين ويسأل عن معاملتهم و ما يديرونها فيما بينهم) *1

فهل لو كان الإمام محمد في عصرنا، كان سيفتي في أمور الشركات و المصارف و شركات الاستثمار و الأسواق المالية، و البورصات، والمقاطعة، والترخيص، التجاري، وبيع الحقوق المجردة، و غيرها من القضايا المعهودة، دون أن يطّلع على طرق سيرها؟

لا نطيل في بيان هذا المعنى فهو واضح، و إنما غرضنا التنبيه عليه لتعلقه الوثيق بهذا البحث الذي بين أيدينا.

سبب كتابة هذا البحث:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير