أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1

[مع أعظم إنسان]

ـ[د. محمد ناجي مشرح]ــــــــ[10 - 01 - 04, 06:08 م]ـ

[ح-شرطية الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم لدخول الجنة]

20 - عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار رواه مسلم "153" كتاب الإيمان

الحديث يدل على أن من سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى ولم يسلم ومات على ذلك كان من أهل النار وهل مجرد السماع يجعله تحت طائلة المسئولية أم أنه يتوقف على البلاغ المبين الواضح .. والأدلة متظافره على الفهم الناتج عن بيان .. وعليه يحمل السماع .. وقد يكون مجرد السماع كافياً ... وقد يقال بأن البيان يستدعي مبينا له، وبالتالي فإن المستقبل للرسالة الذي سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يستجيب بعد السماع فيطلب البيان الذي من شأنه أن يتضح له من خلاله ألحق من سواه وهنا يأتي دور البيان والتبيين والبلاغ المبين الذي طالب به القرآن الكريم في عدد من المواضيع، فإذا وقع تقصير من المبين (بالكسر) ربما يقال أن الحجة الواضحة لم تبن له فلا يستحق النار، وقد يأثم المسلم الذي لم يكن بلاغة وتعريفه بالإسلام مبينا ... لكن يأتي على هذا أن الذي سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم لا ينبغي أن يقف عند هذا الحد بل ينبغي أن يتبين ويستوضح من أكثر من واحد إلى أن تتضح الأمور لديه ... والذي تدل عليه الأدلة القولية والعملية أن كلا من المرسِل أو الداعية أو القائم بالاتصال والمستقبل من أي صنف كان مسئول عن دوره في العملية الدعوية والإعلامية والتربوية فأمة الإسلام مطالبة بأن تبلغ هذا الدين البلاغ المبين الذي يجعلها تنجو من المساءلة وسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم تزخر بالناحية القولية والعملية في حق البلاغ والتبليغ الذي جعل النبي صلى عليه وسلم يشهد الله أمام الصحابة ويقول: اللهم هل بلغت اللهم فاشهد وانطلق الصحابة الكرام يؤدون هذه الوظيفة؛ وظيفة التحرك لهذا الغرض إلى أن بلغوا بالإسلام مشارق الأرض ومغاربها سواء أكان ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو بعده وقد أضحى واقع المستجيبين لهذا الإسلام من الكثرة ما غطى الأرض ما حدى بالقائد المسلم قتيبة بن مسلم أن يقول وهو يخاطب البحر والله لو أعلم أن وراءك أناسا لخضتك أدعوهم إلى الله تعالى.

ومما ينبغي الوقوف عنده طويلا من قبل الدعاة إلى الله تعالى خاصة والمسلمين عامة متأملين ما كان عليه الأمر وما أضحى عليه الآن ليقارنوا بين الحالين وسيدركون أن الأمة وعلى رأسهم الدعاة إلى الله تعالى لم يقوموا بحق البلاغ المبين، بل إن الكثير – ولست مبالغا في هذا – لا يفهم بأنه مطالب بالتبليغ حسب قدرته ووسعه بناء على ما قررته النصوص منها قول الله تعالى (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني} وقول الله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر .. }

وقول النبي صلى الله عليه وسلم {بلغوا عني ولو آية}

إن الفهم القاصر الذي غطى ذهن المسلم وجعل حركته الدعوية مشلولة لظنه أن الدعوة وتبليغها تخص أناسا بأعينهم - فقط- جعل البلاغ يركد بل أصبح المسلم محلا لدعوة غيره ولربما تعرض للخروج من الإسلام كما وقع لأناس كثر –للأسف الشديد ...

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رسم الطريق يقوله وفعله ولقد كان يتنقل بين الناس ويخرج إلى القبائل في موسم الحج يدعوهم إلى الله تعالى، وخرج من مكة إلى الطائف وإلى المدينة لنشر الإسلام ولو كان الناس معفيين من التحرك بهذا الإسلام وتبليغه إلى الناس لما خرج الإسلام من مكة ... إن الصوت الإسلامي قد وصل الآن مشارق الأرض ومغاربها بواسطة وسائل الإعلام الجماهيرية المتعددة ولكن ينبغي أن يكون هذا الصوت مبينا قولا وعملا ... وينبغي أن يصغي جميع عباد الله تعالى إلى الله تعالى فيسمعوا لهذا الصوت ويتبينوا الأمر ... والله أعلم

ولعلنا نسأل أنفسنا هذا السؤال المهم وهو: هل نحن في منأى من المساءلة؟ وهل بإمكاننا أن نوسع دائرة الفهم في الأمة كل بقدر طاقته ووسعه فيوصل هذا الفهم (أن الكل مطالب بتبليغ هذا الإسلام) إلى من حوله وإلى من وصل إليهم بأي وسيلة يستطيع عليها.؟ فنكون قد سلكنا مسلك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكيف نبرمج لأنفسنا كأمة مأمورة أن تدعو غيرها إلى الله تعالى وبخاصة في هذا العصر الذي أضحت الوسائل فيه فاعلة ومتطورة حيث أضحى العالم كله كغرفة واحدة بعد دخول الانترنت في عالم الوسائل؟