[هل يجوز الزواج من الأمة الكتابية؟]
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[15 - 01 - 04, 07:24 م]ـ
مسألة: هل يجوز الزواج من الأمة الكتابية و هل تدخل في قوله تعالى {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (25) سورة النساء.
اِخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي نِكَاح الْفَتَيَات غَيْر الْمُؤْمِنَات:
القول الأول: التحريم و قد قال به مجاهد و قال الوليد بن مسلم كما في تفسير الطبري رحمه الله (قَالَ: سَمِعْت أَبَا عَمْرو , وَسَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز , وَمَالِك بْن أَنَس , وَمَالِك بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي مَرْيَم , يَقُولُونَ: لَا يَحِلّ لِحُرٍّ مُسْلِم وَلَا لِعَبْدٍ مُسْلِم الْأَمَة النَّصْرَانِيَّة).
القول الثاني: أن هذه الآية على الندب و الأرشاد قَالَ أَبُو مَيْسَرَة (, أَمَّا أَهْل الْكِتَاب بِمَنْزِلَةِ الْحَرَائِر) و هو قول أبو حنيفة و أصحابة و استدلوا بقوله تعالى {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (5) سورة المائدة.
و الحق أنه لا يجوز نكاح الإماء الكتابيات كما هو ظاهر آية النساء و لا تعارض بينها و بين آية المائدة لأن آية المائدة المقصود بها الحرائر و العفائف لأن لفظ المحصنات من المشترك و المشترك يحمل على جميع معانيه إذا أمكن ذلك و هنا لا مانع من حمله على معنييه و بهذا يمكن الجمع بين قولي العلماء في تفسير معنى الإحصان في هذه الآية.
ثم إن آية المائدة ذكرت المحصنات من المؤمنات و معلوم أن الإماء من المؤمنات لا يدخلن في هذه الآية لأن المحصنات هنا العفائف الحرائر كما قررنا.
فإن قيل يدخلن و لكن آية النساء قيدت الزواج من الإماء المؤمنات بخوف العنت قيل الأصل عدم التعارض فالأصل عدم التقييد كما أن الأصل عدم النسخ و عدم التخصيص و لا تحمل آية على أخرى ما أمكن ذلك و هنا يمكن حمل كل آية على معنى مع عدم المعارضة فتحمل آية النساء على الإماء المؤمنات عند خوف العنت كما هو ظاهر و تحمل آية المائدة على الحرائر العفائف المؤمنات و الكتابيات كما هو ظاهر الآية و لكل حكمه.
ثم إن آية النساء قيدت الزواج من الإماء بقيدين:
الأول: من فتياتكم أي إمائكم أي لو كانت أمة لغير المسلمين مثلا لو كانت أمة لذمي أو حربي مفهوم الآية يحرم الزواج منهن و يدل عليه قوله (مما ملكت أيمانكم) فانحصر الزواج في الإماء الكتابيات مما ملكه المسلمون.
الثاني: المؤمنات أي يكن من المؤمنات فيدل على تحريم الإماء غير المؤمنات كما هو ظاهر من المعنى أي أن الإماء الكتابيات التي ذكرنا أن قوله (فتياتكم) قد حصرته حصر بقيد آخر هو الإيمان فخرج الإماء الكتابيات و بقي ظاهرالآية في المؤمنات.
ثم إن شرط الحرية و العفة مشدد فيه حيث كرر الله تعالى الإحصان في آية المائدة عند ذكر المؤمنات و ذكر الكتابيات فدل على أهمية هذا الشرط ثم خفف الله تعالى شرط الحرية خوف العنت كما في آية النساء فبقي شرط العفة لم يخفف عنه لذا كان عمر رضي الله عنه ينهى عن الكتابيات الحرائر خشية زواج المسلم من المومسات و هو لا يعلم بل كان يشدد على ذلك و يأمر أصحابه بطلاقهن فالنهي عن زواج الإماء الكتابيات من باب أولى.
¥