إذاً: الغالب على المسلمين أنهم سامعين للأذان، وليسوا مؤذنين، وإذا كان الحال كذلك فليخاطب الأكثر، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لو قال الرسول? إذا أذن المؤذن فليقل اللهم ....... الحديث لقال السامعون، هذا لا يشملنا، وهنا نتهم بلاغة الرسول? في إيصال المعنى الذي أراده الشارع، ولا يخفى ما في ذلك من انحراف يخشى على من بباله مثل ذلك.
خامساً: أين المعترض من حديث البخاري ومسلم عن أبي هريرة? أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قال الإمام ولا الضالين فقولوا آمين فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)
وهنا قال الرسول?: إذا قال الإمام ولا الضالين فقولوا آمين، ومع ذلك فإن الإمام باتفاق الفقهاء قاطبة يقول آمين، وكذا في قول سمع الله لمن حمده حيث أرشد الرسول الصحابة، إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده أن يقولوا ربنا ولك الحمد ...... الحديث ولم يقل أحد من أهل العلم أن الإمام لا يقول ربنا ولك الحمد!! ومن قصر ذلك على المأمومين فقد حجر واسعاً. هذا بالنسبة للاعتراض الأول.
الرد على الاعتراض الثاني
لو قلنا بجواز الدعاء للمؤذن، وأن الحديث يشمله للزم أن نقول يسن للمؤذن أن يردد مع نفسه سراً، كلما لفظ لفظة من الأذان.
أقول: ما المانع إذا كان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله فهم هذا الفهم ففي المغني لابن قدامة 1/ 255 قال: [فصل روي عن أحمد أنه كان إذا أذن فقال كلمة من الأذان قال مثلها سرا ًفظاهر هذا أنه رأى ذلك مستحباً ليكون ما يظهره أذاناً ودعاء إلى الصلاة وما يسره ذكراً لله تعالى فيكون بمنزلة من سمع الأذان].
وفي شرح العمدة لابن تيمية 4/ 124 قال:
[قال أحمد بن ملاعب سمعت أبا عبد الله ما لا أحصيه، و كان يكون هو المؤذن فإذا قال الله أكبر الله أكبر، قال قليلا الله أكبر الله أكبر، إلى أخر الأذان قال أصحابنا فيستحب للمؤذن أن يقول سراً مثل ما يقول علانية، و قوله صلى الله عليه وسلم إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول كقوله إذا قال الإمام و لا الضالين فقولوا آمين و قوله إذا قال سمع الله لمن حمده ربنا و لك الحمد و هذا لأنه ذكر يقتضي جواباً فاستحب له أن يجيب نفسه كما استحب لغيره أن يجيبه كالتأمين و التحميد و لأنه بذلك يجمع له بين أجرين ذكر الله سرا و علانية، و لأن السر ذكر محض بخلاف العلانية فإنه يقصد به الإعلام، و لأنه يستحب أن يفصل بين كلمات الأذان فاستحب له أن يشغلها بذكر الله سبحانه].
وفي كشاف القناع قال:
[(حتى) إنه يستحب للمؤذن أن يجيب (نفسه نصاً) صرح باستحبابه جماعة وظاهر كلام آخرين لا يجيب نفسه , قال ابن رجب في القاعدة السبعين: الأرجح أنه لا يجيب نفسه].
وفي موضع آخر قال:
[ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فراغه) من الأذان وإجابته (ثم يقول) كل من المؤذن وسامعه (اللهم رب هذه الدعوة التامة , والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة , وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته)]
وفي موضع ثالث قال:
[إنما استحبت الإجابة للمؤذن والمقيم على ما تقدم , ليجمع بين أجر الأذان والإقامة والإجابة].
فإذا كان هذا هو فهم الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وأصحابه، فكيف بغيره ممن هو دونه إذا فهم نفس الفهم هل يثرب عليه ويبدع؟!!
الرد على الاعتراض الثالث
لم ينقل عن الصحابة أو السلف أن حديث البخاري (من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة) يشمل المؤذن.
أولاً: القاعدة تقول: عدم النقل ليس نقلاً للعدم ففي نصب الراية قال مصنفها:
وقول المصنف رحمه الله: ولا يقلب القوم أرديتهم ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه أنه أمرهم بذلك , مشكل ; لأن عدم النقل ليس دليلا على العدم وأيضا فالقوم قد حولوا بحضرته عليه الصلاة والسلام , ولم ينكر عليهم , وتقرير الشارع حكم , كما ورد في " مسند أحمد " في حديث عبد الله بن زيد , {أنه عليه السلام حول رداءه فقلبه ظهرا لبطن , وتحول الناس معه}.
وفي مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر قال:
¥