1 - حمل الحديث على ظاهره، وأنه قد يحصل الشؤم في هذه الثلاث، ومعنى ذلك أنه ربما لحق الإنسان ضرر وفوات منفعة، ونزع بركة بتقدير الله في سكناه لبعض البيوت، أو في زواجه من بعض النساء، أو امتلاكه لبعض المراكب، فعند ذلك يجد الإنسان في نفسه كراهة لهذه الأشياء عند حصول الضرر، فإذا تضرر الإنسان من شيء، فيشرع له تركه ومفارقته مع اعتقاد أن النفع والضر بيد الله سبحانه وتعالى، وأن هذه الأشياء ليس لها بنفسها تأثير ,إنما شؤمها ويمنها ما يقدره الله تعالى فيها من خير وشر.
وفي حديث أنس –رضي الله عنه– قال: قال رجل: يا رسول الله إنا كنا في دار كثير فيها عددنا، وكثير فيها أموالنا، فتحولنا إلى دار أخرى فقلَّ فيها عددنا، وقلت فيها أموالنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذروها ذميمة" أخرجه أبو داود ح (3423)
وقال ابن قتيبة: "وإنما أمرهم بالتحول منها؛ لأنهم كانوا مقيمين فيها على استثقال لظلها واستيحاش بما نالهم فيها، فأمرهم بالتحول، وقد جعل الله في غرائز الناس وتركيبهم استثقال ما نالهم السوء فيه، وإن كان لا سبب له في ذلك، وحب من جرى على يده الخير لهم وإن لم يردهم به، وبغض من جرى على يده الشر لهم وإن لم يردهم به"
(تأويل مختلف الحديث ص: 99).
قال الخطابي: "اليُمن والشؤم سمتان لما يصيب الإنسان من الخير والشر والنفع والضر، ولا يكون شيء من ذلك إلا بمشيئة الله وقضائه، وإنما هذه الأشياء محال وظروف جعلت مواقع لأقضيته، ليس لها بأنفسها وطباعها فعل ولا تأثير في شيء، إلا أنها لما كانت أعم الأشياء التي يقتنيها الناس، وكان الإنسان في غالب أحواله لا يستغني عن دار يسكنها وزوجة يعاشرها وفرس يرتبطه، وكان لا يخلو من عارض مكروه في زمانه ودهره أُضيف اليُمن والشؤم إليها إضافة مكان ومحل وهما صادران عن مشيئة الله سبحانه"
(أعلام الحديث 2/ 1379).
2 - ومن العلماء من وجه الحديث بأن المقصود بالشؤم ما يكون في هذه الأشياء من صفات مذمومة، فقالوا: إن المراد "بشؤم الدار" ضيقها وسوء جيرانها وأذاهم، وقيل: بعدها عن المساجد، وعدم سماع الأذان منها
وشؤم المرأة: عدم ولادتها، وسلاطة لسانها، وتعرضها للريب،
وشؤم الفرس: أن لا يغزى عليها، وقيل: حرانها وغلاء ثمنها،
وشؤم الخادم سوء خلقه، وقلة تعهده لما فوض إليه.
3 - ومن العلماء من وجه الحديث بأن المراد بالشؤم هنا عدم التوافق، كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد ح (1445) من حديث سعد بن أبي وقاص –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة، من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح، ومن شقوة ابن آدم المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء "
وقد أشار البخاري إلى هذا التأويل بأن قرن بالاستدلال بهذا الحديث قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ" [التغابن:14].
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.
د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
27/ 2/1429هـ
http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=52090
ويبدو أن السائل هنا هو السائل في الموقع
والله أعلم
ـ[علي عبدالله]ــــــــ[10 - 07 - 08, 05:21 ص]ـ
قرأت للشيخ بن قعود - رحمه الله - إن لم أكن واهما، لإن العهد به قديم توجيها جيدا لهذا الحديث وهو أن مما يقع في النفوس من الشؤم يكن في هذه الأشياء أي أن الناس يتشأمؤن من هذه الأشياء،وإن لم تكن شؤما انتهى كلام الشيخ - رحمه الله - ثم وجدت بعض النقولات لإهل العلم تؤيد هذا القول
قال السيوطي في تنوير الحوالك: الشؤم في الدار والمرأة والفرس قيل هذا إخبار عما كان الناس يعتقدونه
وقال الباجي في المنتقى: ذكر بعض العلماء أن معنى ذلك إن كان الناس يعتقدون الشؤم فإنما يعتقدونه في الفرس والمرأة والمسكن
وقال ابن حجر في الفتح: وجاء عن عائشة أنها أنكرت هذا الحديث فروى أبو داود الطيالسي في مسنده عن محمد بن راشد عن مكحول قال: قيل لعائشة إن أبا هريرة قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشؤم في ثلاثة " فقالت: لم يحفظ إنه دخل وهو يقول " قاتل الله اليهود يقولون الشؤم في ثلاثة " فسمع آخر الحديث ولم يسمع أوله. قلت: ومكحول لم يسمع من عائشة فهو منقطع لكن روى أحمد وابن خزيمة والحاكم من طريق قتادة عن أبي حسان " أن رجلين من بني عامر دخلا على عائشة فقالا: إن أبا هريرة قال " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الطيرة في الفرس والمرأة والدار " فغضبت غضبا شديدا وقالت: ما قاله وإنما قال " إن أهل الجاهلية كانوا يتطيرون من ذلك " انتهى، ولا معنى لإنكار ذلك على أبي هريرة مع موافقة من ذكرنا من الصحابة له في ذلك وقد تأوله غيرها على أن ذلك سيق لبيان اعتقاد الناس في ذلك لا أنه إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بثبوت ذلك وسياق الأحاديث الصحيحة المتقدم ذكرها يبعد هذا التأويل. قال ابن العربي: هذا جواب ساقط لأنه صلى الله عليه وسلم لم يبعث ليخبر الناس عن معتقداتهم الماضية والحاصلة وإنما بعث ليعلمهم ما يلزمهم أن يعتقدوه
¥