تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لأن العقل إذا لم يكن متبعا للشرع؛ لم يبق له إلا الهوى والشهوة، وأنت تعلم ما في اتباع الهوى، وأنه ضلال مبين.

وأما ذمها من جهة النقل، فمن وجوه:

• أحدها ما جاء في القرآن مما يدل على ذم من ابتدع في دين الله في الجملة.

فمن ذلك قول الله تعالى:

{وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} ().

الصراط المستقيم: فالصراط المستقيم هو سبيل الله الذي دعا إليه، وهو السنة.

السبل: والسبل هي سبل أهل الاختلاف، الحائدين عن الصراط المستقيم، وهم أهل البدع، وليس المراد سبل المعاصي؛ لأن المعاصي من حيث هي معاصي لم يضعها أحد طريقا تسلك دائما على مضاهاة التشريع، وإنما هذا الوصف خاص بالبدع المحدثات.

وعن مجاهد في قوله: {و لا تتبعوا السبل}، قال: " البدع والشهوات ".

وقوله تعالى:

{إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون} ().

قال ابن عطية:

" هذه الآية تعم أهل الأهواء والبدع والشذوذ في الفروع، وغير ذلك من أهل التعمق في الجدال والخوض في الكلام. هذه كلها عرضة للزلل، ومظنة لسوء المعتقد ".

والآيات المصرحة والمشيرة إلى ذمهم والنهي عن ملابسة أحوالهم كثيرة.

فلنقتصر على ما ذكرنا.

• الوجه الثاني من النقل: ما جاء في الأحاديث:

1. ما في الصحيح من حديث عائشة عن النبي ? قال: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ".

وفي مسلم: " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ".

2. وفي الصحيح من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ?: " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا ".

3. وروى الترمذي وأبو داود و غيرهما عن العرباض بن سارية قوله ?: فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ".

• الوجه الثالث من النقل: ما جاء عن السلف من الصحابة والتابعين.

1. عن أبي بكر الصديق ? قال: " لست تاركا شيئا كان رسول الله ? يعمل به إلا عملت به، إني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ ".

2. وعن عبد الله بن مسعود ? قال: " أيها الناس لا تبتدعوا، ولا تنطعوا، ولا تعمقوا، وعليكم بالعتيق، خذوا ما تعرفون، ودعوا ما تنكرون ".

وقال " القصد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة ".

3. وعن أبي إدريس الخولاني قال: " لأن أرى في المسجد نارا لا أستطيع إطفاءها أحب إلي من أرى فيه بدعة لا أستطيع تغييرها ".

4. وعن مقاتل بن حيان قال: " أهل هذه الأهواء آفة أمة محمد ?، فأبصرهم فإنك إن لا تكن أصبحت في بحر الماء؛ فقد أصبحت في بحر الأهواء الذي هو أعمق غورا، وأشد اضطرابا، وأكثر صواعق، وأبعد مذهبا من البحر وما فيه، ففلك مطيتك التي تقطع بها سفر الضلال: اتباع السنة ".

5. وقال أبو قلابة: " ما ابتدع رجل بدعة إلا استحل السيف ".

والبدعة شر من المعصية ,والبدعة أحب إلى إبليس من المعصية , فإن المعصية يتاب منها , والبدعة لا يتاب منها. ()

• الوجه الرابع: بعض ما في البدع من الأوصاف المحذورة والمعاني المذمومة:

فاعلموا أن البدعة:

1. لا يقبل معها عبادة من صلاة و لا صيام ولا صدقة ولا غيرها من القربات.

قال ابن عمر في من تكلم في القدر: فو الذي يحلف به عبد الله بن عمر لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه؛ ما تقبله الله منه , حتى يؤمن بالقدر. ()

2. مجالس صاحبها تنزع منه العصمة، ويوكل إلى نفسه.

فهو لما نزع من الشارع تفرده بالتشريع حل يده من حبل العصمة إلى تدبير نفسه.

3. والماشي إليه وموقرة معين على هدم الإسلام، فما الظن بصاحبها؟ وهو ملعون على لسان الشريعة.

قال ?: من أحدث فيها أو آوى محدثا , فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. ((

4. وهي مظنة إلقاء العداوة والبغضاء.

لقوله تعالى: " و لا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات " ().

5. ومانعة من الشفاعة المحمدية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير