يقول ابن الأثير: " يقال: أبدعت الناقة إذا انقطعت عن السير بكلال أو ضلع، كأنه جعل انقطاعها عما كانت مستمرة عليه من عادة السير إبداعا، أي: إنشاء أمر خارج عما اعتيد منها " , " والبدعة تستعمل في الخير والشر، إلا أنها أكثر ما تستعمل عرفا في الذم " ()
ب) تعريف البدعة في الشرع:
عرف عدد من العلماء البدعة في الشرع بتعريفات كثيرة.
من أهم هذه التعريفات:
1. تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية: قال: البدعة في الدين: هي ما لم يشرعه الله ورسوله، وهو ما لم يأمر به إيجاب و لا استحباب، فأما ما أمر به أمر إيجاب أو استحباب، وعلم الأمر به بالأدلة الشرعية: فهو من الدين الذي شرعه الله، وإن تنازع أولو الأمر في بعض ذلك، وسواء كان هذا مفعولا على عهد النبي ? أو لم يكن. ()
2. تعريف الشاطبي: قال: هي طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه. ()
3. تعريف ابن رجب: قال: والمراد بالبدعة: ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، وأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعا وإن كان ببدعة لغة. ()
4. تعريف السيوطي: قال: البدعة عبارة عن فعلة تصادم الشريعة بالمخالفة أو توجب التعاطي عليها بزيادة أو نقصان. ()
وبتأمل هذه التعريفات تظهر المعالم الرئيسية لحد البدعة الشرعية والتي يمكن إبرازها في النقاط التالية:
• أن البدعة إحداث في الدين فيخرج بذلك ما أحدث ولم يقصد به الدين وإنما قصد به تحقيق مصلحة دنيوية، كإحداث بعض الصناعات والآلات اليوم من أجل تحقيق مصالح الناس الدنيوية.
• أن البدعة ليس لها أصل في الشرع يدل عليها، أما ما دلت عليه قواعد الشريعة فليس ببدعة، وإن لم ينص الشارع على عينه، ومثال ذلك من واقعنا المعاصر: من صنع آلة حربية كطائرة أو صاروخ، أو دبابة، أو غيرها من وسائل الحرب الحديثة قاصدا بذلك الاستعداد لقتال الكفار والذب عن المسلمين ففعله هذا ليس بدعة، مع أن الشرع لم ينص على عينه ولم يستخدم الرسول ? مثل هذه الآلات في قتال الكفار لكن صناعة مثل هذه الآلات داخلة تحت عموم قوله تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) وهكذا بقية الأفعال فكل ما له أصل في الشرع فهو من الشرع وليس ببدعة.
• أن البدع كلها مذمومة فلا توجد بدعة حسنة كما يزعم محسنوا البدع، لأن البدع مصادمة للشريعة مضادة لها، فهي مذمومة على كل حال، وقد أبرزت كل التعريفات هذا الجانب المهم.
• البدعة في الدين قد تكون بالنقص فيه كما تكون بالزيادة فيه، نص على هذا السيوطي، غير أنه يحتاج إلى تقييد بأن يكون الباعث عليه غير التدين، فليس ببدعة كترك واجب لغير عذر فإنه معصية لا بدعة، وكذلك ترك شيء من النوافل لا يعد بدعة. " ()
بدعة الاحتفال بميلاد النبي ? وأول من احتفل بها
اعلم يا أخي: أنه قد مضت القرون المفضلة الأولى، الأول والثاني والثالث، ولم تسجل لنا كتب التاريخ أن أحدا من الصحابة، أو التابعين، أو تابعيهم ومن جاء بعدهم – مع شدة محبتهم للنبي ?، وكونهم أعلم الناس بالسنة، وأحرص الناس على متابعة شرعه? - احتفل بمولد النبي ? 0
وأول من أحدث هذه البدعة هم بني عبيد القداح الذين يسمون أنفسهم بالفاطميين، وينتسبون إلى ولد علي بن أبي طالب ?، وهم في الحقيقة من المؤسسين لدعوة الباطنية فجدهم هو ابن ديصان المعروف بالقداح، وكان مولى لجعفر بن محمد الصادق، وكان من الأهواز وأحد مؤسسي مذهب الباطنية وذلك بالعراق، ثم رحل إلى المغرب، وانتسب في تلك الناحية إلى عقيل بن أبي طالب، وزعم أنه من نسله، فلما دخل في دعوته قوم من غلاة الرافضة، ادعى أنه من ولد محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، فقبلوا ذلك منه، مع أن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق مات ولم يعقب ذرية، وممن تبعه: حمدان قرمط، وإليه تنسب القرامطة، ثم لما تمادت بهم الأيام، ظهر المعروف منهم بسعيد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن ميمون بن ديصان القداح، فغير اسمه ونسبه وقال لأتباعه: أنا عبيد الله بن الحسن بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، فظهرت فتنته بالمغرب 0
قال البغدادي: وأولاده اليوم متسولون على أعمال مصر 0
وقال ابن خلكان: وأهل العلم بالأنساب من المحققين ينكرون دعواه في النسب 0
¥