وفي سنة 402هـ كتب جماعة من العلماء والقضاة، والأشراف والعدول والصالحين والفقهاء والمحدثين، محاضر تتضمن الطعن في نسب الفاطميين ـ العبيديين ـ وشهدوا جميعا أن الحاكم بمصر هو: منصور بن نزار الملقب بالحاكم – حكم الله عليه بالبوار والخزي والدمار – ابن معد بن إسماعيل بن عبد الله بن سعيد – لا أسعده الله – فإنه لما صار إلى بلاد المغرب تسمى بعبيد الله وتلقب بالمهدي وأن من تقدم من سلفه أدعياء خوارج لا نسب لهم في ولد علي بن أبي طالب ? ولا يتعلقون بسبب وأنه منزه عن باطلهم وأن الذي ادعوه باطلا وزورا وأنهم لا يعلمون أحدا من أهل بيوتات علي بن أبي طالب ? توقف عن إطلاق القول في أنهم خوارج كذبة وقد كان هذا الإنكار لباطلهم شائعا في الحرمين وفي أول أمرهم بالمغرب منتشرا انتشارا يمنع أن يدلس أمرهم على أحد أو يذهب وهم إلى تصديقهم فيما ادعوه، وأن هذا الحاكم بمصر- هو وسلفه – كفار فسقه فجار، ملحدون زنادقة، معطلون، وللإسلام جاحدون، ولمذهب المجوسية والثنوية معتقدون، قد عطلوا الحدود وأباحوا الفروج، وأحلوا الخمر، وسفكوا الدماء، وسبوا الأنبياء، ولعنوا السلف، وادعوا الربوبية.
وقد صنف القاضي الباقلاني كتابا في الرد على هؤلاء وسماه: (كشف الأسرار وهتك الأستار). بين فيه فضائحهم وقبائحهم، وقال فيهم: هم قوم يظهرون الرفض، ويبطنون الكفر المحض ().
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عنهم، فأجاب: بأنهم من أفسق الناس، ومن أكفر الناس، وأن من شهد لهم بالإيمان والتقوى، أو بصحة النسب، فقد شهد لهم بما لا يعلم، وقد قال الله: " وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً " (). وقال تعالي: " ....... إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ " ().
وهؤلاء القوم يشهد عليهم علماء الأمة، وأئمتها، وجماهيرها، أنهم كانوا منافقين زنادقة، إذ ليس معهم شيء يدل على إيمانهم، مثل ما مع منازعيهم ما يدل على نفاقهم وزندقتهم.
وكذلك النسب: قد علم أن جمهور الأمة يطعن في نسبهم، ويذكرون أنهم من أولاد المجوس أو اليهود، هذا مشهور من شهادة علماء الطوائف من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وأهل الحديث، وأهل الكلام، وعلماء النسب، والعامة
وغيرهم، وهذا أمر قد ذكره عامة المصنفين لأخبار الناس وأيامهم، حتى بعض من قد يتوقف في أمرهم، كابن الأثير الموصلي في تاريخه ونحوه فإنه ذكر ما كتنبه علماء المسلمين بخطوطهم في القدح في نسبهم.
فأول من قال بهذه البدعة - الاحتفال بالمولد النبوي – هم الباطنية الذين أرادوا أن يغيروا على الناس دينهم، وأن يجعلوا فيه ما ليس منه؛ لإبعادهم عما هو من دينهم، فإشعال الناس بالبدع طريق سهل لإماتة السنة، والبعد عن شريعة الله السمحة، وسنته ? المطهرة.
وكان دخول العبيديين مصر سنة 362 هـ، في الخامس من رمضان، وكان ذلك بداية حكمهم لها.
فبدعة الاحتفال بالموالد عموما، ومولد النبي ? خصوصا، إنما ظهرت في عهد الفاطميين، ولم يسبقهم أحد إلى ذلك.
فالفاطميون هم سبب البلاء على المسلمين، وهم الذين فتحوا باب الاحتفالات البدعية على مصراعيه، حتى أنهم كانوا يحتفلون بأعياد المجوس والنصارى كالنوروز، والغطاس، والميلاد، وهذا من الأدلة على بعدهم عن الإسلام، ومحاربتهم له، وإن لم يجهروا بذلك ويظهروه.
وليعلم أن إحياءهم لهذه الموالد ليس محبة له ?، وآله كما يزعمون، وكما يظهرون للعامة والسذج من الناس، وإنما قصدهم بذلك نشر خصائص مذهبهم الإسماعيلي الباطني، وعقائدهم الفاسدة بين الناس، وإبعادهم عن الدين الصحيح، والعقيدة السليمة بابتداعهم هذه الاحتفالات، وأمر الناس بإحيائهم، وتشجيعهم على ذلك، وبذل الأموال الطائلة في سبيل ذلك، وأغروا الناس بالهدايا والولائم والاحتفالات كأداة من أدوات نشر مذهبهم، وبالمقابل استعملوا القتل والسجن والأذى لمن عارضهم من أهل السنة المدركين لحقيقة دعوتهم.
¥