(قيل أول من أحدثها ـ أي الموالد ـ بالقاهرة الخلفاء الفاطميون في القرن الرابع،
فابتدعوا ستة موالد: المولد النبوي، ومولد الإمام علي رضي الله عنه، ومولد السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، ومولد الحسن والحسين رضي الله عنهما، ومولد الخليفة الحاضر ... الخ).
4 ـ وقال الدكتوران حسن إبراهيم حسن مدير جامعة أسيوط سابقا وطه احمد شرف مفتش المواد الاجتماعية بوزارة التربية والتعليم في كتابهما "المعز لدين الله" (ص284) تحت عنوان " الحفلات والأعياد":
(ان المعز كان يشترك مع رعاياه في الاحتفال بعيد راس السنة الهجرية، ومولد النبي صلى الله عليه وسلم، وليلة أول رجب ونصفه، وأول شعبان ونصفه، وموسم غرة رمضان، حتى لا يثير نفوس السنيين! ويقرب مسافة الخلف بين المبادئ السنية والعقائد الشيعية!! وكذلك كان المعز لدين الله يستغل هذه الأعياد التي كان زخر بها عهده في نشر خصائص المذهب الإسماعيلي وعقائده!! لذلك كان يحتفل بيوم عاشوراء ليحيي فيها ذكرى الحسين رضي الله عنه، كما كان يحي ذكرى مولد كثير من الأئمة، وذكرى مولد الخليفة القائم بالأمر، وهكذا اتخذ المعز من الاحتفال بهذه الأعياد وسيلة لجذب رعاياه إليه ونشر مبادئ المذهب الإسماعيلي) اهـ.
الفصل الخامس:
فصل في الجواب عما استدل به المعارضون على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي:
لقد استدل من يرى مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي ببعض الشبه وفي هذا الفصل اذكر تلك الشبه مع إجابات العلماء عليها إن شاء الله؛ ولكن قبل ذكر الشبه التي استند إليها من يقول بجواز إقامة الموالد أحب أن أنقل تنبيه مهم لأهل العلم متعلق باستدلال أهل البدع على بدعهم عموما نبه عليه كثير وقد ذكره الشيخ علي الحلبي حفظه الله في "علم أصول البدع" (ص137 – 145) حيث قال:
(يستدل كثير من الناس بالنصوص العامة لتمشية دعهم، والتدليل على واقعهم! وفي هذا خطأ كبير، يناقض قاعدة مهمةً في علم الأصول، سيأتي تقريرها ـ بعد ـ إن شاء الله.
فمثلاً: لو أن عدداً من الناس قَدِموا مسجداً للصلاة فيه، فما إن دخلوا؛ حتى اقترح أحدهم عليهم أن يصلوا تحية المسجد جماعة!! فجابهه بعض أصحابه بالإنكار و الرد!! فاستدل عليهم المقترِح بحديث: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل)!! فافترقوا رأيين!! بعضهم وافق على هذا الاستدلال، والبعض الآخر خالف؛ لأن هذا الدليل إنما مورده في غير هذا المقام! فما هو القول الفصل؟)
قال الإمام ابن تيمية في " مقدمة في أصول التفسير" (ص 8 – 9): (يجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه، فقوله تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) (النحل:44) يتناول هذا وهذا، وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن ـ كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما ـ أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن و العلم جميعاً. ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة. وقال أنس: كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جلَّ في أعيننا. وأقام ابن عمر على حفظ البقرة عدة سنين – قيل ثمان سنين – ذكره مالك. وذلك أن الله تعالى قال: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا ءايته) (ص:29) وقال: (أفلا يتدبرون القرءان) (النساء: 82) وقال: (أفلم يدبروا القول) (المؤمنون: 68).
وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن. وكذلك قال تعالى: (إنآ أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون) (يوسف:2) وعقل الكلام متضمن لفهمه ومن المعلوم أن كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه، فالقرآن أولى بذلك.
وأيضاً فالعادة تمنع أن يقرأ قوم كتاباً في فن من العلم كالطب والحساب ولا يستشرحوه فكيف بكلام الله الذي هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم؟) اهـ.
¥