قَالَ َتَعَالَى: ? زُيِّنَ للنَّاسِ حُبُّ الشَهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينِ ? الآية [آل عمرن: 14]. قَالَ الْحَسَنُ البَصريُّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في تفسير هذه الآية: " زُيِّنَ أي: زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ". أخرَجَهُ الإمام عبدُ الرَّحمنِ ابنُ أبي حَاتمٍ رَحِمَهُما الله تَعَالَى.
وقَالَ َتَعَالَى: ? وخُلقَ الإنسَانُ ضَعِيفَاً ? [النساء: 14]. قال طَاوسُ بنُ كيسَانَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في تفسير هذه الآية: "أيْ: ضَعِيفَاً في أمرِ النِّسَاءِ، ليسَ يكونُ الإنسانُ في شيءٍ أضعفَ منهُ في النِّسَاءِ". أخرَجَهُ الإمامُ محمدٌ بنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ الله تَعَالَى وابنُ أبي حَاتمٍ وغيرُهما.
وَأَخْرَجَ الإمَامَانِ أبُو عَبدِ اللهِ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو الحُسَيْنِ مُسْلمُ بْنُ الحَجَّاجِ الْقُشَيريُّ رَحِمَهُما الله تَعَالَى عَنِ النَّبِىِّ ? قَالَ: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِى فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ".
وَأَخْرَجَ مُسْلمٌ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ ? قَالَ:" إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِى النِّسَاءِ".
وَأَخْرَجَ الإمامُ أبو بكرٍ ابن أبي شَيبَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى عَن ابنِ عَبَّاسٍ ? قالَ: لم يكُن كُفرُ من مَضَى إلا مِن قِبَلِ النِّسَاءِ، وَهُو كائنٌ كفرَ من بَقيَ مِن قِبَلِ النِّساءِ".
وَأَخْرَجَ عن أبي صالحٍ رَحِمَهُ الله تَعَالَى قالَ: "بَلغني أنَّ أكثرَ ذنوبِ أهلِ الجَنَّةِ في النِّساءِ".
وَفي «صِفةِ الصَّفوَةِ»: عَن عَليِّ بنِ زَيدٍ عَن سَعيدِ بنِ المُسَيِّبِ رَحِمَهُ الله تَعَالَى قَالَ: "مَا يَئِسَ الشَّيْطَانُ مِنَ شَيءٍ إلا أتَاهُ مِن قِبَلِ النِّسَاءِ".
وَقَالَ لَنَا سَعيدٌ وَهُو ابنُ أربَعٍ وَثمانينَ سَنَةً وَقَدْ ذَهَبتْ إحدَى عَينَيّهِ وَهُوَ يَعشُو بِالأُخرَى:"مَا مِن شَيءٍ أخوَفُ عِندِي مِنَ النِّسَاءِ! ".
وَقالَ الشيخُ أبو القاسمِ الأصفَهَانِيُّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في كتابهِ «الذَّريعَةُ إلى مكارمِ الشَّريعَةِ» بعدَ أن ذَكَرَ قُوَى الإنسانِ الثلاثِ: القوَّةُ الفِكريَّةُ، والقُوَّةُ الغَضَبِيَّةُ، والقُوَّةُ الشَّهَوِيَّةُ: "أصعبُ هَذِه القُوَى الثلاثُ مُداوَمةُ قَمعِ الشَّهوةِ، لأنَّها أقدمُ القُوى وجُوداً في الإنسانِ، وأشَدُّها به تَشبُّثَاً، وأكثرُهَا منهُ تمكُّنَاً، فإنَّها تُولدُ مَعَهُ، وتُوجدُ فيه وفي الحيوانِ الذي هو جِنسُه، بل في النَّباتِ الذي هُو جنسُ جنسهِ، ولا يصيرُ الإنسانُ خارجاً من جُملةِ البهائمِ وأسرِ الهَوى، إلا بإماتةِ الشَّهوةِ البَهِيمِيَّةِ لو بِقهرها وقَمعِها، إن لم يُمكنُه إماتتُه إيَّاها، فهي التي تَضرُّه وتغرُّه وتصرِفُه عن طَريقِ الآخرةِ.
وَمتى قَمعها أو أماتها صَار الإنسانُ حُراً نقياً بل يصيرُ إلهيَّاً ربانيَّاً، فتقلُّ حاجاتهُ ويصيرُ غنيَّاًً عمَّا في يدِ غيرهِ، وسخيَّاً بما في يدهِ، ومُحسنَاً في مُعاملاتِه.
فإن قيلَ: فإذا كانت الشَّهوةُ بهذه المثابةِ في الإضرارِ، فأيُّ حكمةٍ اقتضت أن يبُلى بها الإنسانُ؟
قيل: الشَّهوةُ إنَّما تكونُ مَذمومةٌ إذا كانت مُفرَطة، وأهملها صاحبُها حتى ملكت عليه الهوَى، فإذا ما أُدِّبَت فهي المُبلِّغةُ إلى السَّعادةِ وجوار ربِّ العزَّةِ، حتى لو تُصُوِرَت مُرتفعِةً لما أمكن الوصولُ إلى الآخرةِ، وذاك أنَّ الوصوُل إلى الآخرةِ بالعبادةِ، ولا سَبِيلَ إلى العبادةِ إلا بالحياة الدُنيويَّةِ، ولا سَبِيلَ إلى الحياة الدنيويَّةِ إلا بحفظِ البدنِ، ولا سَبِيلَ إلى حفظِ البدنِ إلا بإعادةِ مَا يَتَحَلَّلُ مِنهُ، ولا سَبِيلَ إلى إعادةِ مَا يَتَحَلَّلُ مِنهُ إلا بتناولِ الأغذيةِ، ولا يُمكنُ تناولُ الأغذيةِ إلا بالشَّهوةِ، فإذن: الشَّهوةُ مُحتاجٌ إليهَا، ومرغوبٌ فيها، وتقتضي الحكمةُ الإلهيَّةُ إيجادَها وتزيينَها كما قالَ تعَالَى: ? زُيِّنَ للنَّاسِ حُبُّ الشَهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينِ ? الآية [آل عمرن: 14]،لكنَّ مَثلهَا مثَلُ عدوٍّ
¥