قلتُ: اعْتُرِض على هذه الكلية بما أخرجه الإمام أحمد (رقم: 19828 و 19831 و19832 و 20127)، و ابن ماجة (رقم: 3456) و الطبراني في ((الكبير)) (رقم: 4456 و 4457) و الحاكم (4/ 120) و المزي في ((تهذيبه)) (9/ 33) و ابن حجر في ((الإمتاع)) ص: 166 من طريق المشمعل بن إياس حدثني عمرو بن سليم سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ عَمْرٍو الْمُزَنِيَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ rيَقُولُ الْعَجْوَةُ وَالصَّخْرَةُ مِنَ الْجَنَّةِ))، هذا لفظ ابن مهدي.
و الحديث ذكره معلقاً:خليفةُ بنُ خيَّاط في ((طبقاته)) ص:37.
و أخرجه ابن قانع في ((معجم الصحابة)) (2/ 214)، فجعله: عن المشمعل عن عمرو بن سليمان.
قال ابن حجر: ((و وهم ابن قانع فيه من وجهين، فإنه صحف اسم أبيه، و حذف شيخه، و الصواب ما أخرجه ابن ماجة و غيره من هذا الوجه عن عمرو بن سليم المزني عن رافع بن عمرو المزني، و هو الصواب)) (الإصابة 5/ 297).
قال ابن الأثير في ((النهاية)) (3/ 15): الصخرة من الجنة، يريد: صخرة بيت المقدس))
و قال ابن حجر: و المراد بالصخرة: صخرة بيت المقدس.
قلت: و الحديثُ إسنادُهُ صحيحٌ، و كذا قال البوصيري في ((الزوائد)).
و قال ابن حجر: إسناده حسن (الإمتاع ص:166).
غير أنه وقع في لفظه اختلاف من المشمعل، فقد تردد في لفظة ((الصخرة)) في رواية عبدالصمد عنه عند أحمد قال: ((الصخرة أو الشجرة))، و في رواية يحيى بن سعيد عنه جزم بالشجرة، و في رواية ابن مهدي عنه جزم بالصخرة، و قال ابن مهدي في رواية ابن ماجة: ((حفظت الصخرة من فيه)).
لأجل هذا ففي ثبوتها بعضُ النظر، على أنه لو ثبتت لفظة ((الصخرة)) في الحديث، فيحتاج في تأويلها على أنها صخرة بيت المقدس إلى دليل، و لم يذكر ابن الأثير و ابن حجر مستندهما في ذلك، و الله أعلم.
ثمَّ وقفت على الحديث في ((الفردوس)) (3/ 83) للديلمي، و فيه: يعني: صخرة بيت المقدس، فلا أدري أهو من الديلمي نفسه أم من أحد رواة الحديث؟.
قلت: و عندي في تفسير الصخرة احتمال آخر، و هو أن يكون المراد بها الحجر الأسود، للحديث: ((الحجر الأسود من الجنة))، أخرجه الترمذي (رقم:877)، و النسائي (رقم: 2935) و في ((الكبرى)) (رقم:3916)، و ابن خزيمة (رقم: 2733)، و الطبراني (رقم: 12285) و ابن عدي في ((كامله)) () - و من طريقه: البيهقي في ((الشعب)) (رقم: 4034) -، و الخطيب (7/ 361) و الضياء في ((المختارة)) (10 /رقم:274 و275 و276) من حديث ابن عباس مرفوعاً، و سنده صحيح.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
و قد ثبتَ عن أنسٍ موقوفا عند أحمد و غيره من طريق قتادة عنه، أوقفه شعبة و غيره، و رفعه عمرُ بنُ إبراهيم فأخطأ قاله العقيلي و ابن عدي و غيرهما.
و انظر اعتراضا على متن هذا الحديث و جوابه لأديب أهل السنّة الإمام ابن قتيبة في كتابه: ((تأويل مختلف الحديث)) ص: 287.
قلتُ: و قد عدَّ بعضهم (4) الصخرة من المواضع الشريفة المعظمة عند أداء اليمين و الشهادة، و هو شرف و فضل خاصٌّ لم يثبت؛ اللَّهمَّ إلا الشرف العام للمسجد!
هوامش ــــــــــــ
(2): المنار المنيف ص:87 - 88.
(4): راجع: تفسير القرطبي (12/ 195).
---
خليل بن محمد
13 - 04 - 2002, 05:01 PM
بارك الله فيك أخي (خادم ابن تيمية) على هذا المبحث المفيد.
ثم كيف يصحح مثل هذا وفيه ما فيه من اضطراب واختلاف واضح، ألا يدل على أن مشمعلاً لم يحفظها، فمرة يقول (الصخرة)، ومرة (الشجرة)، ومرة يتردد بينهما.
فيظهر ــ والله أعلم ــ أن القول ما قالت حذام.
---
أبو تيمية إبراهيم
13 - 04 - 2002, 11:23 PM
غفر الله لك يا أخيَّ و أحسن إليك و زادك حرصا ..
لا تناقض بين تصحيح السند، و بين كون راويه تردد في لفظة من متنه على القول بأن ذلك منه، لأن لقائل أن يقول: المحفوظ الصخرة و هو ما حفظه ابن مهدي عنه، و هو من كبار الحفاظ، و يؤيدها رواية عبد الصمد مع التردد فيها، فتقدم على رواية يحيى بن سعيد؛ لأن رواية ابن مهدي حفتها القرينة و هي جزمه بقوله: حفظت الصخرة من فيه.
كما أن القول بتصحيح السند مع ملاحظة اضطراب الراوي في لفظة منه لم يمنع البوصيري و لا ابن حجر من تصحيحها.
و الأمثلة على هذا كثيرة يقولون صحيح لكن قوله كذا و كذا منكر أو مدرج أو فيه نظر ..
فالخطا إن قلت: هذا حديث صحيح، ثم أثبتت اضطراب الراوي فيه، و لعلك تراجع كتاب ابن الصلاح: معرفة أنواع علم الحديث و غيره.
و على كلٍّ فيكفي ما شرحته فيه من تأويلها على القول بثبوتها. و الله تعالى أعلم
و كتب أبومحمد الميلي
---
أبو ذر الفاضلي
11 - 11 - 2005, 11:52 PM
بارك الله فيك
---