[ما التوجيه في قوله تعالى: السمع والأبصار؟]
ـ[أبو أحمد الحلبي]ــــــــ[07 - 09 - 06, 09:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأخوة الكرام: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
كثيرا ما يتردد في كتاب الله الكريم السمع والبصر ولكن سؤالي هو:
ما هي الحكمة أو الوجه الإعرابي أو الإعجازي لكون أحد اللفظين يأتي بالمفرد والآخر بالجمع
يقول تعالى:خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ
ويقول تعالى أيضا: أَمْ مَنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ
ويقول تعالى: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
ويقول تعالى: وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ
فما هو التوجيه بارك الله فيكم؟
ـ[هيثم ابن أبي حُسبان]ــــــــ[10 - 09 - 06, 07:33 ص]ـ
للرفع
ـ[أبو عبدالله الجبوري]ــــــــ[10 - 09 - 06, 01:12 م]ـ
قال السيوطي في الاتقان في علوم القرآن: "ومن ذلك إفراد السمع وجمع البصر لأن السمع غلب عليه المصدرية فأفرد بخلاف البصر فإنه اشتهر في الجارحة ولأن متعلق السمع الأصوات وهي حقيقة واحدة ومتعلق البصر الألوان والأكوان وهي حقائق مختلفة فأشار في كل منهما إلى متعلقه" اهـ. ص 267/ 350
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[10 - 09 - 06, 05:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
قال الآلوسي في روح المعاني (14/ 202):
(وإفراد السمع باعتبار أنه مصدر في الأصل وقيل: إنما أفرد وجمع الإبصار للإشارة إلى أن مدركاته نوع واحد ومدركات البصر أكثر من ذلك)
وقال الطاهر ابن عاشور في كتابه التحرير والتنوير (1/ 150): (فلما عبر بالسمع أفرد لأنه مصدر بخلاف القلوب والأبصار فإن القلوب متعددة والأبصار جمع بصر الذي هو اسم لا مصدر وإما لتقدير محذوف أي وعلى حواس سمعهم أو جوارح سمعهم. وقد تكون في إفراد السمع لطيفة روعيت من جملة بلاغة القرآن هي أن القلوب كانت متفاوتة واشتغالها بالتفكر في أمر الإيمان والدين مختلف باختلاف وضوح الأدلة وبالكثرة والقلة وتتلقى أنواعا كثيرة من الآيات فلكل عقل حظه من الإدراك وكانت الأبصار أيضا متفاوتة التعلق بالمرئيات التي فيها دلائل الوحدانية في الآفاق وفي الأنفس التي فيها دلالة فلكل بصر حظه من الالتفات إلى الآيات المعجزات والعبر والمواعظ فلما اختلفت أنواع ما تتعلقان به جمعت. وأما الأسماع فإنما كانت تتعلق بسماع ما يلقي إليها من القرآن فالجماعات إذا سمعوا القرآن سمعوه سماعا متساويا وإنما يتفاوتون في تدبره والتدبر من عمل العقول فلما اتحد تعلقها بالمسموعات جعلت سمعا واحدا)
وقال ابن عاشور أيضا (1/ 1295): (والسمع مصدر دال على الجنس فكان في قوة الجمع فعم بإضافته إلى ضمير المخاطبين ولا حاجة إلى جمعه
والأبصار جمع بصر وهو في اللغة العين على التحقيق. وقيل: يطلق البصر على حاسة الإبصار ولذلك جمع ليعم بالإضافة جميع أبصار المخاطبين ولعل إفراد السمع وجمع الأبصار جرى على ما يقتضيه تمام الفصاحة من خفة أحد اللفظين مفردا والآخر مجموعا عند اقترانهما فإن في انتظام الحروف والحركات والسكنات في تنقل اللسان سرا عجيبا من فصاحة كلام القرآن المعبر عنها بالنظم. وكذلك نرى مواقعها في القرآن قال تعالى (وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء)
وقال أيضا في موضع ثالث (1/ 2854):
(وأما إفراد السمع فجرى على الأصل في إفراد المصدر لأن أصل السمع أنه مصدر. وقيل: الجمع باعتبار المتعلقات فلما كان البصر يتعلق بأنواع كثيرة من الموجودات وكانت العقول تدرك أجناسا وأنواعا جمعا بهذا الاعتبار. وأفراد السمع لأنه لا يتعلق إلا بنوع واحد وهو الأصوات)
وقال الزركشي في البرهان في علوم القرآن (4/ 19): (ومنها إفراد السمع وجمع البصر كقوله تعالى ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم لأن السمع غلب عليه المصدرية فأفرد بخلاف البصر فإنه اشتهر في الجارحة وإذا أردت المصدر قلت أبصر إبصارا ولهذا لما استعمل الحاسة جمعه بقوله يجعلون أصابعهم في آذانهم وقال وفي آذاننا وقر وقيل في الكلام حذف مضاف أي على حواس سمعه
وقيل لأن متعلق السمع الأصوات وهي حقيقة واحدة ومتعلق البصر الألوان والأكوان وهي حقائق مختلفة فاشار في كل منهما إلى متعلقه
ويحتمل إن يكون البصر الذي هو نور العين معنى يتعدد بتعدد المقلتين ولا كذلك السمع فإنه معنى واحد ولهذا إذا غطيت إحدى العينين ينتقل نورها إلى الأخرى بخلاف السمع فإنه ينقص بنقصان أحدهما
وقال الزمخشري في قوله تعالى فيه ظلمات ورعد وبرق أجرى الرعد والبرق على أصلهما مصدرين فافردهما دون الظلمات يقال رعدت السماء رعدا) أ. هـ
فهذه عدة حكم وعلل ذكرها المفسرون في الحكمة من إفراد السمع وجمع الأبصار والله أعلم.
¥