تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[استعادة العضو المقطوع في الحد (المجيب أ. د. سعود بن عبدالله الفنيسان)]

ـ[بندر البليهي]ــــــــ[25 - 08 - 06, 01:47 ص]ـ

العنوان استعادة العضو المقطوع في الحد

المجيب أ. د. سعود بن عبدالله الفنيسان

عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً

التصنيف الفهرسة/ الحدود/مسائل متفرقة

السؤال

نعلم حديثا أنه أمكن وصل اليد المقطوعة بشكل جراحي سواء أكانت يده الأصلية أم يد متبرع آخر فهل يجوز السماح لمن أقيم عليه حد السرقة بقطع اليد أن يأخذ يده المقطوعة ويقوم بإعادة وصلها جراحياً على نفقته الخاصة.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

هذا الموضوع مبني على مسألة (زراعة الأعضاء) في الإنسان المريض رجلاً كان أو امرأة وهي مسألة حادثة في هذا العصر لم تعرف عند السلف؛ ولهذا اختلف العلماء المعاصرون فيها بين مؤيد ومعارض، فعقدت لها الندوات والمؤتمرات العلمية، ونوقشت كثيراً في المجامع الفقهية ودور الإفتاء. ولعل منشأ البحث في المسألة تحديدا: هل يجوز للمسلم أن يتبرع لأحد بعضو من جسمه، وهل لأولياءه أن يتبرعوا ببعض أعضاءه بعد موته؟

قد يبدو لأول وهلة المنع من ذلك؛ لأن الإنسان لا يملك نفسه وجسمه، وبالتالي فأولياؤه كذلك؛ لأن الله هو المالك الحقيقي. ولكن عند النظر والتأمل نجد أن جسم الإنسان -وإن كان وديعة من الله عند أهله– غير أنه يجوز للإنسان التصرف به لما يصلحه من تطبيب وعلاج، وقد أمر الله بذلك على لسان رسوله –صلى الله عليه وسلم- فقال "تداووا عباد الله ولا تداووا بحرام، فإن الله ما أنزل داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله". وأباح الله لعبده التصرف بالمال، مع أن المال مال الله استخلف الإنسان فيه فقال: " ... وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ .... " [الحديد:7]. وقال: "وَآتُوهُم مِن مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ" [النور:33].

فإذا جاز تصرف الإنسان للمصلحة بماله الذي نص الله بأنه مستخلف فيه حقيقة فجواز تصرفه ببعض أعضاء بدنه مما لم ينص عليه من باب أولى.

وأيضاً فإن الإسلام أمر بالصدقة والإحسان إلى الغير، ولم يقصر ذلك على المال فقط، بل بين الأدنى فقط؛ ففي الحديث: (تبسمك في وجه أخيك صدقة، وإفراغك الماء في دلو أخيك صدقة، وإماطتك الأذى عن الطريق صدقة ... ).

أفتكون إزالة الأذى عن طريق أخيك المسلم أو تبسمك في وجهه صدقة أعظم من أن تراه أو تعلمه يتضور من الألم ويكاد يموت، وهو بحاجة ماسة إلى قطرة دم أو عضو من أعضائك يحى به ولا يضرك، وأنت قادر على نفعه، فلا تفعل، وتكتفي بالبشاشة في وجهه!!؟ إن هذا الفعل والله لهو السفه والجهول بعينه، وإن تزيَّا بزي العلم والفقه.

وإضافة لما سبق فإن التبرع بالأعضاء لا يقتضي جواز بيعها؛ لأن البيع في عرف الفقهاء هو مبادلة مال بمال. وبدن الإنسان ليس مالاً حتى يدخل في المعاوضة والمساومة، بل هو أشرف من المال؛ فالمال خادم والبدن مخدوم. ولكن لما ضعف وازع الدين والضمير راجت تجارة بيع أعضاء الإنسان بسوق أشبه ما يكون بسوق النخاسة تباع فيه أعضاء الفقراء والمساكين لحساب الأغنياء، غير أن بذل المنتفع بالعضو لمن تبرع به مبلغاً من المال كهدية أو مساعدة على بذله المعروف دون مشارطة أو مساومة –لكان حسناً- وهذا أشبه ما يكون بالمكافأة والإحسان من المقترض للمقرض، وهو من مكارم الأخلاق، كما يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم-: "إن خياركم أحسنكم قضاء".

وفي الأثر "خير الناس أنفعهم للناس" ويقول علي بن أبي طالب –رضي الله عنه-: "يا سبحان الله ما أزهد أكثر الناس في الخير يجييء المسلم أخاه المسلم في الحاجة فلا يرى نفسه للخير أهلاً فلا يقضيها له –إن كان قادراً- ولو كان لا يرجو ثواباً ولا يخشى عقاباً لكان ينبغي له أن يسارع في مكارم الأخلاق؛ فإنها تدل على سبيل النجاح".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير