تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الإمام الغزالي والمنطق الإسلامي]

ـ[أبو العلاء الحضرمي]ــــــــ[29 - 08 - 06, 07:23 م]ـ

أولاً: موقف الإمام الغزالي من المنطق:

1.يمكن أن نستخرج موقف الإمام الغزالي من المنطق من خلال كتبه وبالذات في كتابه ((القسطاس المستقيم)) حيث يتبين من خلاله أنه كان متابعاً لمنطق اليونان على الجملة، إلا انه حاول أن يلبسه ثياباً إسلامية، حيث تكلم عن موازين خمسة لا تخرج عن أشكال القياس المنطقي الأرسطي (القسطاس المستقيم،، ص18 – 49) وحاول الإمام الغزالي في هذا الكتاب نسبة ما فيه إلى أنه تعليم الأنبياء، والحقيقة إنما تعلمه من ابن سينا وهو تعلمه من كتب أرسطو.

2.كما أن الغزالي نفسه يذكر اتِّباعه لمنطق اليونان فيقول في كتابه (المنقذ من الضلال، ص167): "ولا يتصور أن يفهم ذلك الميزان ثم يخالف فيه، إذ لا يخالف فيه أهل التعليم، لأني استخرجته من القرآن الكريم، وتعلمته منه، ولا يخالف فيه أهل المنطق، لأنه موافق لما شرطوه في المنطق غير مخالف له".

3.ألف الغزالي كتابيه ((معيار العلم)) و ((محك النظر)) ووافق فيهما منطق أرسطو وابن سينا، إلا أنه قرر بعد ذلك في مقدمته لكتاب ((المستصفى في الأصول)) أن المنطق هو مقدمة العلوم كلها، وأن من لا يحيط بها فلا ثقة بعلومه أصلاً.

4.وأدى هذا الموقف من الغزالي لعلم المنطق إلى دخوله في العلوم الشرعية واختلاطه بها وخاصة في أصول الفقه، حيث وقع المزج الحقيقي بينه وبين علم المنطق على يد الإمام الغزالي عندما أصل لتلك المقدمة المنطقية في بداية كتابه المستصفى وجعلها مقدمة ضرورية للعلوم كلها، يقول الدكتور علي النشار: ((أما مزج المنطق الأرسطاطاليسي بعلم الكلام والعلوم الإسلامية على العموم فبدأ في أواخر القرن الخامس على أيدي المتأخرين من المتكلمين. . . بواسطة متكلم أهل السنة المشهور أبي حامد الغزالي)) (مناهج البحث عند مفكري الإسلام، ص98 – ص99).

5.كان المتكلمون قبل ذلك – وحتى الإمام الجويني أستاذ الغزالي – يتكلمون عن الحدود بطريقة مخالفة، أما بعد الغزالي فأصبح الذين يتكلمون عنها إنما يتبعون طريقة أهل المنطق اليوناني.

6.ومما يدل على تأثر الغزالي واتباعه لمنطق أرسطو هو قوله بنظرية ((الطبقات الثلاث)) للناس والتي أشار إليها الفارابي (تحصيل السعادة، ص40 – 41)، وابن سينا (عيون الحكمة، ص11 – 14، ورسالة في الأجرام العلوية، ص28)، وتبعهم عليها الغزالي في ((القسطاس المستقيم)) وغيره (القسطاس المستقيم، ص10 – 13، ص62 – 68، وإلجام العوام، ص301)، وفصّل ابن رشد القول فيها تفصيلا في كتابه ((فصل المقال)) (فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال لابن رشد، ص8 – 10، ص23 – 26)، وهي نظرية يونانية بحتة تأثرت بمنطق أرسطو الذي فرق بين البرهان والجدل والخطابة وبين كل نوع منها.

7.حماسة الغزالي في الإشادة بالمنطق والذب عنه واعتبار محصّلاته يقينية، ومحصلات ما عداه ظنية واضحة في كتبه حتى كان من أقواله عن قوانين المنطق أن من لا يحيط بها فلا ثقة بعلومه أصلاً، ويقول أيضاً: ((ولا أدعي أني أزن بها – يعني قوانين المنطق – المعارف الدينية فقط، بل أزن بها العلوم الحسابية، والهندسية، والطبيعية، والفقهية، والكلامية، وكل علم حقيقي غير وضعي فإني أميز حقه عن باطله بهذه الموازين، وكيف لا وهو القسطاس المستقيم)) (القسطاس المستقيم، ص188).

8.ذكر عثمان بن علي حسن في كتابه (منهج الاستدلال عند أهل السنة) في أثناء حديثه عن موقف أهل السنة من المنطق الأرسطي أن الإمام الغزالي في آخر حياته ذم المنطق وأهله، وبيَّن أن طريقهم لا توصل إلي يقين، لاسيما فيما يتعلق بالإلهيات، وذمها أكثر مما ذم به طريقة المتكلمين، وبيّن أن طريقهم متضمنة من الجهل والكفر ما يوجب ذمها، ومات وهو مشتغل بالبخاري ومسلم. (منهج الاستدلال، ج2، ص610، وانظر أيضاً: المنقذ من الضلال للغزالي: ص63، 64، 88 – 90، 93، والرد على المنطقيين، ص195، 198).

سؤال: وإذا كان هذا موقف الإمام الغزالي من المنطق، فأين نجد المنطق الإسلامي البديل عن المنطق اليوناني؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير