ومنهم من أبقى سكون العين والميم وهى قراءة متواترة قرأ بها قالون عن نافع –وأبو عمرو البصرى_ وشعبة عن عاصم بخلفهم وأبو جعفر بلا خلاف. وكذلك هى مرسومة متصلة للإدغام وكذلك تَعْدُّوا –يَهْدِّى – اسْطَّاعوا.
للذين قرءوا بتشديد الدال في الأولى والدال في الثانية والطاء في الثالثة.
وكذلك فى الادغام الكبير للسوسى حيث يلزم فى الإدغام الكبير تسكين الحرف الأول ثم قلبه من جنس الثانى ثم إدغامه فى الحرف الثانى. فإن كان قبل المدغم حرف ساكن صحيح مثل (العَفْو وأمر– شَهرُ رَمَضَانَ – مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ) ففيه اختلاس حركته، وفيه أيضاً الإدغام الخالص فيجتمع حينئذ ساكنان –الحرف الذى سكن للادغام و الساكن قبله – فيجوز إبقاء الساكنين دون التخلص من الساكنين بشىء،.
وقد أنكر البعض مثل هذه القراءات التى يكون فيها الجمع بين الساكنين دون التخلص منهما بشىء كما نقل أبو شامة حيث قال عند ذكره من قرأ (نعما) بالإسكان: (وقد ذكر بعض المصنفين في القراءات إسكان العين مع الإدغام وذلك غير مستقيم في التحقيق ونسبه صاحب التيسيرإلى من حكى لهم الإخفاء هنا (ويقصد أبا عمرو وقالون وشعبة) قرءوا بإخفاء حركة العين ويجوز إسكانها وبذلك ورد النص عنهم والأول أقيس
قلت (أبو شامة): ولم يعرج الناظم (الشاطبى) على هذه الرواية , وترك ذكرها كما ترك ذكر نظيرها في (لاتعدوا في السبت) وأصاب فى ذلك, قال مكي في التبصرة: (وقد ذكر عنهم الإسكان وليس بجائز وروى عنهم الاختلاس وهو حسن قريب من الإخفاء , وقال في الكشف: روى عن أهل الإخفاء الاختلاس وهو حسن وروى الإسكان للعين وليس بشيء ولا قرأت به لأن فيهما جمعا بين ساكنين ليس الأول بمد ولين
وقد أنشد سيبويه شعرا قد اجتمع فيه ساكنان على ما اجتمعا في نعما وأنكره أصحابه قال: ولعل أبا عمرو أخفى ذلك كأخذه بالإخفاء في نحو (بارئْكم – و-يأمرْكم) فظن السامع الإخفاء إسكانا للطف ذلك في السمع وخفائه وقال أبو جعفر النحاس: (فأما الذي حكى عن أبى عمرو ونافع من إسكان العين فمحال.
حكى عن محمد بن يزيد أنه قال: (أما إسكان الميم مشددة فلن يقدر عليه أحد أن ينطق به وإنما يروم الجمع بين ساكنين ويحرك ولا يأبه _لا ينتبه للتحريك _ ولا يفطن به)
وقد اختار قراءة الإسكان الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام وهو من عجيب اختياراته فذكر قراءة الإسكان في كتابه أولاً ثم ذكر قراءة فتح النون وكسر العين ثم قال: (وبالقراءة الأولى قرأت لأنها فيما يروى لغة النبي _صلى الله عليه وسلم – حين قال لعمرو بن العاص: (نعما المال الصالح للرجل الصالح) قال: وهكذا يروى عنه _صلى الله عليه وسلم _ على هذا اللفظ قال ثم أصل الكلمة أيضا إنما هي نعما زيدت فيها (ما) , وإنما قرأ تلك القراءة الأخرى من قرأها لكراهة أن يجمعوا بين ساكنين (العين والميم) فحركوا (العين) , قال وهو مذهب حسن في العربية ولكنه على خلاف الحديث والأصل جميعا.
قال أبو إسحاق الزجاج بعد ذكره كلام أبى عبيد: ولا أحسب أصحاب الحديث ضبطوا هذا ولا هذه القراءة عند البصريين النحويين جائزة ألبتة لأن فيها الجمع بين ساكنين مع غير حرف مد ولين.
قلت _أبو شامة _) صدق أبو إسحاق فكما قيل عمن روى قراءة الإسكان أنه سمع الإخفاء فلم يضبط , كذلك القول في رواة الحديث , بل أولى , لكثرة ما يقع في الأحاديث من روائق، على فصيح اللغة وقد أخرج هذا الحديث الحاكم في كتابه المستدرك وقال في آخره يعنى بفتح النون وكسر العين. هذا حديث صحيح. أ. ه
ولنا هنا وقفات:
أولا: دأب كثير من النحاة على إنزال القراءة على قواعدهم التي أصلوها بعد نزول القرآن بفترة من الزمن بالاستقراء!!!
ثانيا: أن اللغة لا يحيط بها إلا نبي كما نسب للشافعي.
ثالثا: لم يرد عن فصحاء اللغة وهم أهل قريش أو غيرهم ممن كانوا في زمن نزول القرآن أنهم اعترضوا على موضع حرف فضلا عن أن يعترضوا على كلمة مع كونهم أشد حرصا على تحسس الخطأ في القرآن ولو وجدوا أي خطأ لأذاعوه!!!
رابعا: أبو عبيد القاسم بن سلام –وحسبك به في اللغة – أقر بثبوت النص في قراءة الإسكان، وأبو عبيد متقدم على الحاكم، فإن سلمنا بثبوت رواية الكسر عند الحاكم، فقصارى الأمر ثبوت الروايتين و نحن قائلون به.
¥