تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن الذي خاطبنا بذلك هو الذي قال عن نفسه: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ). ونهى عباده أن يضربوا له الأمثال، أو يجعلوا له أنداداً فقال: (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وقال: (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ). وكلامه – تعالى – كله حق يصدق بعضه بعضاً، ولا يتناقض.

ثانيها:

أن يقال له: ألست تعقل لله ذاتاً لا تشبه الذوات؟

فسيقول: بلى! فيقال له: فلتعقل له صفات لا تشبه الصفات، فإن القول في الصفات كالقول في الذات، ومن فرق بينهما فقد تناقض!.

ثالثها:

أن يقال: ألست تشاهد في المخلوقات ما يتفق في الأسماء ويختلف في الحقيقة والكيفية؟ فسيقول: بلى! فيقال له: إذا عقلت التباين بين المخلوقات في هذا، فلماذا لا تعقله بين الخالق والمخلوق، مع أن التباين بين الخالق والمخلوق أظهر وأعظم، بل التماثل مستحيل بين الخالق والمخلوق كما سبق في القاعدة السادسة من قواعد الصفات.

القسم الثالث:

من جعلوا المعنى المتبادر من نصوص الصفات معنى باطلاً، لا يليق بالله وهو التشبيه، ثم إنهم من أجل ذلك أنكروا ما دلت عليه من المعنى اللائق بالله، وهم أهل التعطيل سواء كان تعطيلهم عاماً في الأسماء والصفات، أم خاصاً فيهما، أو في أحدهما، فهؤلاء صرفوا النصوص عن ظاهرها إلى معاني عينوها بعقولهم,

واضطربوا في تعيينها اضطراباً كثيراً، وسموا ذلك تأويلاً، وهو في الحقيقة تحريف.

فائدة من شرح الشيخ عبدالرحمن البراك:

[لماذا كان تأويل المعطلة تحريفا؟]

لأن التأويل في اصطلاح التأخرين هو صرف اللفظ عن الإحتمال الراجح الى الإحتمال المرجوح لدليل,

فهذا إن كان الدليل الموجب لصرف اللفظ عن ظاهره صحيح صح التأويل,

وإن لم يكن صحيحا فهو التحريف,

فالتحريف اذن هو صرف اللفظ عن معناه الى معنى آخر لغير دليل يوجب ذلك,

له دليل عندهم لكنه غير صحيح,

فالمعطلة قالوا إن الدليل إن إثبات الصفات تشبيه, وإن إثبات الصفات يستلزم التركيب,

فهذا هو عمدتهم في صرف النصوص فجمعوا بين تعطيل الرب عن صفات كماله وتحريف النصوص عن مواضعها.

قال الشيخ محمد بن عثيمين:

ومذهبهم باطل من وجوه:

أحدها: أنه جناية على النصوص حيث جعلوها دالة على معنى باطل غير لائق بالله ولا مراد له.

فائدة من شرح الشيخ عبدالرحمن البراك:

يعني جعلوها دالة على إثبات الصفات وإثبات الصفات تشبيه [عندهم] , فجعلوها دالة على الكفر لأن تشبيه الله بخلقه كفر, فيقولون إن ظاهرها معنى باطل وهو كفر فيجب تأويلها فلا يجوز اعتقاد ظاهرها.

قال الشيخ محمد بن عثيمين:

الثاني:

أنه صرف لكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم عن ظاهره، والله – تعالى – خاطب الناس بلسان عربي مبين، ليعقلوا الكلام ويفهموه على ما يقتضيه هذا اللسان العربي، والنبي صلى الله عليه وسلم خاطبهم بأفصح لسان البشر؛ فوجب حمل كلام الله ورسوله على ظاهره المفهوم بذلك اللسان العربي؛ غير أنه يجب أن يصان عن التكييف والتمثيل في حق الله – عز وجل.

الثالث:

أن صرف كلام الله ورسوله عن ظاهره إلى معنى يخالفه، قول على الله بلا علم وهو محرم؛ لقوله – تعالى -: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ). ولقوله – سبحانه -: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً).

فالصارف لكلام الله – تعالى – ورسوله عن ظاهره إلى معنى يخالفه قد قفا ما ليس له به علم. وقال على الله ما لا يعلم من وجهين:

الأول: أنه زعم أنه ليس المراد بكلام الله – تعالى – ورسوله كذا، مع أنه ظاهر الكلام.

الثاني: أنه زعم أن المراد به كذا لمعنى آخر لا يدل عليه ظاهر الكلام.

وإذا كان من المعلوم أن تعيين أحد المعنيين المتساويين في الاحتمال قول بلا علم؛ فما ظنك بتعيين المعنى المرجوح المخالف لظاهر الكلام؟!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير