وزعم قوم من أهل الأداء أن حقيقته الإشمام في ذلك: أن يشم أوله ضما مختلسا، و هذا أيضا باطل، لأن ما يختلس من الحركات و لا يتم الصوت به كهمزة بين بين وغيرها و لا يقع أبدا أولا، وذلك لقربه بالتضعيف و التوهين من الساكن المحض، إنما دخل الوهم على هؤلاء وعلى قوم من جهلة النحاة من أجل العبارة عنه بالإشمام، وقد ذكرت مراد القراء بهذه التسمية وغيرها والغرض بهذاالإشمام الذي هو حركة مركبة من حركتين
ضمة و كسرة للدلالة على ها تين الحركتين في الأصل. أ. هـ فتح الوصيد في شرح القصيد 2/ 8
قال أبو شامة:" و المراد بالإشمام في هذه الأفعال: أن ينحى بكسر أوائلها نحو الضمة، و بالياء بعدها نحو الواو، فهي حركة مركبة من حركتين كسر و ضم " أ.هـ إبراز المعانى صـ32
قال المالقى "اعلم أن حقيقة هذا الإشمام أن تضم شفتيك حال النطق بكسرة القاف من " قيل" والغين من "غيض" والجيم من "جائ" فيخرج صوت الكسرة مشوبا بشيء من لفظ الضمة من غير أن ينتهي إلى الضم الخالص، ويصحب الياء التي بعد هذه الكسرة شيء من صوت الواو من غير أن ينته إلى الواو الخالصة بل لا بد ظن أن يكون الغالب في النطق لفظ الكسرة ولفظ الياء،ونظير ذلك الإمالة فإنك إذا أملت الفتحة والألف سرى مع الفتحة شوب من لفظ الكسرة،ومع الألف شوب من صوت الياء من غير انتهاء إلي الكسرالخالص والياءالخالصة) ا0هـ
قال أحمد إبن محمد بن الجزرى في شرحه لمتن والده " طيبة النشر": " والمراد بالإشمام هنا خلط الحركة بالحركة والحرف بالحرف فينحنى بالكسر نحو الضمة و بالياء بعدها نحو الوا و " أ. هـ صـ 168
و قال الضباع في إرشاد المريد " أي يشم ضما فيحركان أول الفعل بحركة تامة مركبة من حركتين إفرازا لا شيوعا ــ جزء من الضم وهو الأقل ويليه جزء من الكسر و هو الأكثر ــ و لذا تمحضت الياء بعده. " أ. هـ صـ 148
و قد ذكر كثير من القراء " الياء " من " قيل" و أخواتها من الحروف التي تترد بين مخرجين، ارجع إلى متن الطيبى و السلسبيل الشافي وغيرهم من المتون و كتب التجويد في جعلهم الياء من قيل و أخواتها من الحروف الفرعية.
و السؤال هنا هل تتأثر الياء من إشمام حركة ما قبلها؟
فكثير من قرائنا في زمننا يقرؤون بجزء الضم أولا ثم بالكسر بعد ذلك و لا يتعرضون للياء، و بينما في كلام الأقدمين دلالة واضحة على أن الياء تتأثر. انظر إلى هذه العبارات: قال السخاوى:" و تميل الياء الساكنة بعدها نحو الواو قليلا إذا هي تابعة بحركة ماقبلها ". أي كما أن ما قبلها ممزوجة بين الضم والكسر ـ وكذلك الياء تكون ممزوجة بين الياء و الواو ـ أي لا هي ياء خالصة ولا هي واو خالصة و كذلك قال أبو شامة:" و بالياء بعدها نحو الواو" وكذلك قال ابن ا بن الجزرى
والحقيقة أن أكثر القراء ينطقون الإشمام في الأول ولا يتعرضون للياء و أكثر من قرأت عليهم أقرؤونى بهذا الوجه و هو تقديم جزء الضمة الأقل على جزء الكسرة الأكثر ولا يتعرضوا للياء إلا الشيخ عبد الله الجوهرى كان ينطقها أي الياء بين الياء و الواو كما هو وصف القدامى للياء والشيخ حسنين جبريل ينطقها كذلك
ولماذا جعلوا الياء من الحروف التي تتردد بين حرفين إذاً؟
وقد رأيت كثيرا من إخوانى عند الحديث عن هذا النوع من الإشمام ينكر أن للياء دخلا في هذا الإشمام. و ما عليه الأقدمون هو الأصوب، و الله أعلم.
و مما سبق يتبين لك أن هناك خلافا في المسألة، و ما أرجحه – و الله أعلم – أن من ذهبوا إلى القول بتأثر الياء رأيهم أرجح لسبب أن كلمة" تمحضت" بالحاء المهملةـ تدور معانيها حول الخلوص " أي خلوص الشيء " قال في المعجم الوجيز
(محض) فلانا الود أو النصح محضا أخلصه أياه و المحض كل شيء خلص حتى لا يشوبه شيء يخالطه وليس محض خالص لم يخالطه أ. هـ
و على هذا يعنونه أن الياء تكون خالصه ــ أي ياء محضة ــ
و أظن أن الكلمة "تمحضت" بالخاء المعجمة ــ لأن معاني المحض ترجع إلى الحركة قال في المعجم الوجيز مخض الشيء مخضا حركه شديدا
¥