وقولُ الشيخ (محمد صفوت) –رَحِمَه الله- هو الذي دَلَّت عليه نُصوص الكِتابِ والسُّنَةُ النَّبوية مِن أنَّنَا "أمِرنَا بالحُكِم بالظاهِر، ونُهينَا عَن الظَّن واتِّباع ما ليس لنا به عِلم" («شرح العقيدة الطحاوية» / لابن أبي العِز الحَنَفي –رَحِمَه الله، ص 379، الطبعة الثامنة، المكتب الإسلامي بِبَيروت). قال تعالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحُجُرات: 12]، وقال تعالَى {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء: 36]، وعَن عَبد الله بن مَسعود –رَضي اللهُ عَنه- قال: سَمِعتُ عُمرَ بنَ الخَطاب –رَضي اللهُ عَنه- يقول: "إنَّ ناسًا كانوا يؤخَذون بالوَحي في عَهد رَسولِ الله (صلى الله عليه وسلم)، وإنَّ الوَحي قد انقَطَع، وإنَّما نأخُذُكم الآن بما ظَهَر لنا مِن أعمالِكم، فَمَن أظْهَر لنا خَيرًا أمَّنَّاه، وليس لنا مِن سَريرَتِه شيئا؛ الله يُحاسِبُه في سَريرَتِه، ومَن أظهَرَ لنا سوءًا لم نأمنْه ولم نُصَدِّقْه وإن قال إنَّ سَريرَتَه حَسَنَةٌ" [رواه البخاري (5/ 251 – فتح)].
وبَوَبَ الإمامُ (النَّووي) –رَحِمَه الله تعالى- في كِتابِه «رياض الصالِحين» بابًا بِعُنوان "إجراء أحكام النَّاس على الظاهِر وسرائرُهم إلى اللهِ تعالَى" ساق تحتَه العديد مِن نُصوص السُّنَة النَّبوية، فانظُرها هُناك.
والأخذ بظاهِر أقوال الشيخ (مُصطفَى بن العَدوي) هو المُتَعَيِّنُ والأولَى بالمؤلِّف؛ فَمِن أقوالِه في الثناء على العلامة (الألباني) –رَحِمَه اللهُ تعالى-:
1 - "إمام للمسلمين في عِلم الحَديث في هذا العصر"، («التَّرشيد»، ص 6، ط. دار الضياء بطنطا، مصر).
2 - "العلامة الألباني –رَحِمَه الله-"، (كما على غُلافَي كِتابِه السابِق: الخارِجي والداخِلي، وظَهرِه).
3 - "إنَّ الشَّيخَ ناصر الدين الألباني –رَحِمَه اللهُ رَحمَةً واسِعةً وأسكنَه اللهُ [كذا بِتكرارِ لَفظ الجلالَة ثانيةً] فَسيحَ جَنَّاتِه وأنار له قَبْرَه وَوسَّع له فيه ..... "، (كما على ظَهر كِتابِه السابِق).
فهذه أقوالُ الشيخ (مُصطفَى) يُثني فيها على العلامة (الألباني) –رَحِمَه اللهُ تعالَى، ولو فَهِمنَا مِن أقوالٍ أخرىَ له خِلافَ ذلك –كما فَعَل المؤلِّفُ؛ فالمَنطوقُ مُقَدَّمٌ على المَفهوم –كما هو مُقَرَرٌ في عِلم الأصول!
(3) تَعَرَضَ المؤلِّفُ في تضاعيفِ كِتابِه لأمورٍ ليس لها عَلاقة مُباشِرَة بموضوع الكِتاب؛ قد يُفهَم مِنَها أنَّ غايتَه الطَّعنُ في الشيخ (مُصطفَى) وقَصد تَنَقُّصه!
انظر –مثلا- صفحات: 8، 26: 27، 30، 121، 125: 126.
وهذا –إن شاءَ اللهُ تعالى- ليس قَصدَ المؤلِّف مِن تأليف كِتابِه، نَحسَبُه كَذِلك، ولكن ما كان ينبغي له أن يُدرِجَ هذه الأمورَ في كِتابِه. فَمِن ذَلِك:
يَذكُر المؤلِّفُ بعضَ اللقاءاتِ والأمورِ الشخصيةِ التي دارَت بينَه وبين الشيخ (مُصطفى) أو بينَه وبين طَلَبَة الشيخ (مُصطفَى)؛ والتي فيها تَنَقُّصٌ واضِحٌ للشيخ (مُصطفى) وإظهارُه بِمَظهر المُنتَقِص للعُلماء، السَّارِق لِجُهود طَلَبَتِه، المُجرئِ على العُلماء!
فالشَّيخُ (مُصطفى) –وإن كان قد تَعدَى على العلامة (الألباني) رَحِمَه الله- فالأولَى في هذا المَقام هو الرَّدُ العِلمي بأسلوبٍ حَسَن مُهَذَّب.
وَوَاللهِ؛ لا أحدَ يستفيد مِمَّا يَجري بين الشيخ (مُصطفَى) وإخوانِه إلا أعداءُ الإسلام؛ فهذا الذي يَحدُث يوقِع طَلبَة العِلم في حَيص بَيص! فما الذي يستفيدُه المؤلِّفُ أو غيرُه إذا أعرَضَ طَلَبَةُ العِلم عَن التَّعلُّمِ على يَدي الشيخ (مُصطفَى)؟! أهل العلم اليوم اقل من القليل! وما الذي يَربَحُه المؤلِّفُ إذا كَشفَ لِطَلَبَةِ العِلم عُيوب شَيخِهم إلا عَكسَ ما يَدعو إليه؛ مِن تَوقير العُلماء وتَبجيلِهم وحِفظ حُقوقِهم وحُرمَتِهم؟!
وَوَاللهِ لو لم يَكن في ذِكر هذه الأمور الشخصية إلا التجرؤ على تَحقير العُلماء والتَّنقيص مِن قَدرِهم وتَعقُّبِهم في كل كَبيرَةٍ وصَغيرة؛ لَكفَى بها مُصيبَة، واللهُ المُستعان!
¥