تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وما رواه البيهقي عن قتادة أن أنسا كره الشرب في المفضض ([242]). فلعله من أوهام أبي العوام، التي وصف بها فيما قيل عنه:إنه صدوق يهم ([243]). فرواه في الحديث الأول على الوجه الصحيح، وحكمنا عليه بالحسن لموافقته لقول وفعل أنس في قدح رسول الله e الثابت في الصحيحين وغيرهما؛ لأنه لا يمكن أن يروي حديثين بإسناد واحد يخالف أحدهما الآخر وحكمنا على الرواية التي أوردها البيهقي بالضعف لمخالفتها لقول أنس، وفعله، وإرادته؛ فقد قال: لقد سقيت رسول الله e في هذا لقدح أكثر من كذا وكذا.

وأما فعله فهو:أن قدح رسول الله e انصدع فسلسله بفضة. والظاهر أن الذي سلسله أنس كما رجحه ابن حجر. وأما إرادته:فهو أنه كان للقدح المذكور حلقة من حديد فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب أو فضة. فقال له أبو طلحة لا تغيرن شيئا صنعه رسول الله e ([244]) . فهمه بتغيير الحلقة إلى الذهب أو الفضة دليل على أنه يجيز الشرب في المفضض. وأن عدوله عما هم به لا لأنه يراه غير جائز؛ ولكن تفضيلاً لبقاء القدح على الهيئة التي كان عليها شرب الرسول e منه. كما أن أبا طلحة رضي الله عنه لم يقل له إنه يكره، أو لا يجوز ذلك؛ ولكنه تفضيل منه لبقاء ما كان على ما كان.

ومما يؤيد ترجيحنا لرواية تجويز أنس على رواية منعه tأن رواية الجواز جاءت صريحة بشربه في الإناء المفضض ومقرونة بشرب صحابي آخر وهو عمران بن حصين، ورواية المنع ليس فيها قول ولا فعل من أنس وإنما جاءت بصفة من الراوي أن أنس يكره الشرب في الإناء المفضض، ومختصة به دون أن تقرر معه غيره.

وأولى من ذلك كله في ترجيح الرواية الأولى على الثانية أن الأولى موافقة لفعل رسول الله eولا يمكن أن يكره أنس الشرب في المفضض، ورسول الله قد شرب في القدح المضبب بالفضة.

فإن قيل إن تضبيب القدح غير تفضيضه. قلنا: قد جاء في تعريف المفضض ما يشمل المضبب ([245]).

وقولهم تضييق النقدين. وهي العلة التي رجحها الباحث، يجاب عنها بأنها غير متحققة في المموه، لأن المموه ليس إناء ذهب ولا فضة، كما قاله كثير من العلماء منهم أبي عبيد وابن المنذر ([246]). ولأن التمويه بالذهب أو الفضة مقداره قليل جدا، بالنسبة فيما لو كان الإناء مصنوعا منهما؛ فيتحقق فيه قول جمهور العلماء بجوازه إذا لم يتجمع منه شيء وقد ثبتت

بالتحليل العلمي المخبري الذي سأعرضه قريبا. فإذا ثبت قلة الذهب والفضة المموه بهما لم يتحقق اتحاد العلة مع إناء الذهب والفضة وهي تضييق النقدين، و الإسراف كما رجحناه. ولأني قمت بتحليل نسب عنصري الذهب والفضة في عينات من بعض الأواني المستخدمة للطعام، والشراب؛ ذات اللون الذهبي، والفضي، المستعملة في معظم المنازل، إن لم يكن في جميعها، في هذا العصر، والتي يظن الناس حتى بعض من يبيعها أنه ليس فيها شيء من الذهب أو الفضة؛ وذلك بسبب رخصها. ويقولون ليس من المعقول أن يكون فيها ذهب أو فضة وهي بهذا السعر، فوجدتها تشتمل على نسبة ضئيلة من المعدنين أو أحدهما، حيث ثبت من تحليل جدار فنجان شاي زجاجي مذهب وجود نسبة من الذهب، ونسبة من الفضة أقل منه، مع أنها غير مرئية. وقد تم إجراء التحليل المذكور لثلاث عينات، في مركز التقنية البيئية التابع للكلية الامبريل بجامعة لندن، ببريطانيا. وقد تم في هذا البحث دراسة كمية لتركيز عنصري الذهب والفضة في بعض الآنية المستخدمة للطعام والشراب. وكانت الطريقة المستخدمة لإيجاد تراكيز العناصر هي طريقة التحليل باستخدام التشعيع بالنيوترونات ([247]) آليا. أما العينات المستخدمة في الدراسة فقد تم تحضيرها على شكل قطع صغيرة مساحتها حوالي سنتيمترا مربعا، ثم يتم تحضير عينات من مادة عيارية مرجعية ([248])، لها نفس الخواص الفيزيائية للعينة المراد دراستها. وتعتمد طريقة التحليل على قصف ([249]) جميع العينات بالنيوترونات الحرارية في قلب مفاعل نووي حراري، ويؤدي ذلك إلى تنشيط العينة إشعاعيا ([250])، مما يؤدي إلى انبعاث أشعة جاما ([251]) من العينة. ويدرس طيف ([252]) أشعة جاما للعينة، ويقارن بالطيف الصادر من المادة العيارية المرجعية، و من ثم يتم تحديد تركيز كل من عنصري الذهب والفضة في العينات التي تمت دراستها. بوحدة الميليجرام. علماً أن الكيلو جرام

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير