تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويجاب على هذه الآثار بأنها أقوال للصحابة، وقول الصحابي يكون حجة عند الجمهور إذا لم يعارضه قول صحابي آخر ([229])؛ فعدم إذن عائشة رضي الله عنها في تحليق الآنية وتضبيبها، و كراهة ابن عمر t الشرب من الإناء المفضض، عارضهما شرب عمران ابن حصين، وأنس ابن مالك tما من الإناء المفضض، علما أن امتناع ابن عمر محمول على زيادة تورعه كما هو معروف عنه. وعدم إذن عائشة محمول على الحلقة ونحوها. كما جاء في الأثر، وكما قاله سعيد ابن أبي عروبة ([230]). فأطلقه أنس وعمران ابن حصين، وحظره ابن عمر وعائشة. وليس قول واحد منهم في ذلك أولى من قول الآخر إلا بدليل يدل عليه، وسنذكر في قدح رسول الله في هذا الباب ما يدل على أن الأولى من ذينك القولين ما قاله أنس ابن مالك وعمران ابن حصين. وقد وجدنا رسول الله e قد نهى عن لباس الحرير، وأخرج من ذلك أعلام الحرير التي في الثياب من عين الحرير من الكتان ومن القطن. فكان مثل ذلك نهيه عن الشرب في آنية الفضة يخرج منه الشرب في آنية الزجاج، أو الخشب ونحوهما المموهة بقليل من الذهب أو الفضة فقد روى ابن أبي ليلى عن حذيفة قال: (رسول الله e نهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة وعن لبس الحرير والديباج وقال دعوه لهم في الدنيا وهو لكم في الآخرة) ([231]).

قال الطحاوي (ففي هذا نهى رسول الله e عن الشرب في آنية الذهب والفضة وليس الشرب في الآنية من الخشب التي قد خالطها الذهب والفضة من هذا في شيء. وقد كان مذهب عبد الله ابن عمر في القليل من الحرير يخالطه الثوب من غير الحرير كراهة لبس ذلك الثوب كما يكره لبسه لو كان حريرا كله، وقد خالفه في ذلك غيره من أصحاب رسول الله e وأباحوا من ذلك ما حظره، فمما قد روي عنه t ما جاء بسنده عن أبي عمر مولى أسماء قال:رأيت ابن عمر اشترى جبة فيها خيط أحمر فردها، فأتيت أسماء فذكرت ذلك لها، فقالت: بؤسا لابن عمر يا جارية ناوليني جبة رسول الله e فأخرجت إلينا جبة مكفوفة الجيب والكمين والفرج بالديباج) ([232]).

وفي صحيح مسلم من رواية أبي عمر قال: (فرجعت إلى أسماء فقالت: هذه جبة رسول الله e فأخرجت إليّ جبة طيالسة كسروانية لها لبنة ديباج وفرجيها مكفوفين بالديباج فقالت كانت عند عائشة حتى قبضت فلما قبضت قبضتها وكان النبي e يلبسها فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها) ([233]).

قال أبو جعفر: (أفلا ترى أن ابن عمر قد كره الجبة التي ليست من الحرير للخيط الذي كان فيها من الحرير، فكذلك كان مذهبه في الإناء من غير الفضة إذا كان فيه شيء من فضة يكرهه كما يكرهه لو كان كله فضة، وقد خالفته أسماء في ذلك، وحاجته فيه بجبة رسول الله e التي ليست من ديباج [ولكنها] مكفوفة الجيب والكمين والفرج بالديباج. ولم تكن رضوان الله عليها تحاجه بذلك إلا وقد وقفت على استعمال رسول الله e إياها بعد نهيه عن استعمال مثلها لو كانت كلها حريرا وقد خالفه في ذلك أيضا عبد الله ابن عباس) ([234]).

وما جاء في أثر عائشة رضي الله عنها أنها لم ترخص في تضبيب الإناء معارض للحديث الثابت في صحيح البخاري وغيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه (أن قدح النبي e انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة قال عاصم رأيت القدح وشربت فيه) ([235]).

وفي رواية للبخاري عن عاصم الأحول قال (رأيت قدح النبي e عند أنس بن مالك وكان قد انصدع ([236]) فسلسله ([237]) بفضة. قال: هو قدح جيد عريض من نضار ([238]). قال قال أنس: لقد سقيت رسول الله e في هذا القدح أكثر من كذا وكذا) ([239]).

قال وقال: ابن سيرين (إنه كان فيه حلقة من حديد فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب أو فضة فقال له أبو طلحة:لا تغيرن شيئا صنعه رسول الله e . فتركه) ([240]).

ظاهر الحديث أن الذي وصله هو أنس، ويحتمل أن يكون النبي e ، وهو ظاهر رواية أبي حمزة المذكورة بلفظ (أن قدح النبي e انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة) ([241]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير