وأما مطلق الجمع فمعناه: أي جمع كان، وحينئذ فيدخل فيه الأربعة المذكورة، والله أعلم. والمذهب الثاني: أنها تدل على المعية. ونقله إمام الحرمين عن الحنفية. وكلام أصحابنا يدل عليه. والمذهب الثالث: أنها تدل على الترتيب. وممن قال ذلك من أصحابنا عن الإمام أحمد ابن أبى موسى في الإرشاد، وأبو محمد الحلواني، وغيرهما، حتى إن الحلواني لم يحك خلافا عن أصحابنا، إلا أنه قال: تقتضى أصولها أنها للجمع. ونقل هذا المذهب صاحب التتمة من الشافعية: عن بعض أصحابهم وتابع الماوردي في الوضوء من الحاوي. فنقله عن الأخفش، وجمهور الشافعية. واختاره الشيخ أبو إسحاق في التبصرة. نقل هذا المذهب أيضا قطرب عن طائفة من النحاة منهم ابن درستويه وثعلب، وأبو عمرو الزاهد، وابن جني، وابن برهان الربعي.
وأنكر ابن الأنباري المتأخر هذا النقل عن جميع من ذكر عن النحاة، وزعم: أن كتبهم تنطق بخلاف ذلك، وقال: لم نر هذا النقل عنهم إلا في بعض التعاليق الخلافية الفقهية، لا في كتب أهل اللغة والعربية. ويدل على ما ذكره: أن أبا علي الفارسي نقل إجماع نحاة أهل الكوفة والبصرة على أن الواو العاطفة لمطلق الجمع. وكذلك قال الشيرازي: أجمع نحاة أهل البصرة والكوفة على أن الواو لا تقتضى تقديم شيء ولا تأخير شيء، ولم يصح عنهم في ذلك شيء، إلا ما نقل عن الربعي في شرح كتاب الجرمي: أنه نقل عن الشافعي أنها للترتيب. قال: فلقوله وجه. قال ابن الأنباري: ولا يصح عن الشافعي ذلك. وأنه أخذ من قوله في الوضوء، والترتيب فيه من القراءتين قال: وقد نص الشافعي على ما إذا وقف على ولده وولد ولده: بالاشتراك.
والمذهب الرابع: قاله أبو بكر عبد العزيز بن جعفر من أصحابنا ـ أن الواو العاطفة ـ: إن كان كل واحد من معطوفاتها مرتبطا بالآخر، وتتوقف صحته على صحته؛ أفادت الترتيب بين معطوفاتها كقوله تعالى: (اركعوا واسجدوا) وقوله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) وكآية الوضوء.
وإن لم تتوقف صحة بعض معطوفاتها على بعض: لم تدل على الترتيب. كقوله تعالى (وأقيموا الصلاة وآتو الزكاة) وقوله تعالى (وأتموا الحج والعمرة لله)، وقد أومأ الإمام أحمد إلى هذا أيضا.
المذهب الخامس: ـ ونقل عن الفراء ـ: أن الواو للترتيب إذا تعذر الجمع، والله أعلم.
[ثم ذكر بعض الفروع تحتها] .. ومنها: ومنها ما قاله بعضهم: إن وجوب الترتيب في الوضوء و البداءة بالصفا: بناء على أن الواو للترتيب. وليس بناء جيدا لأن المذهب الصحيح: أنها ليست للترتيب. والمذهب الصحيح: وجوب الترتيب و البداءة بالصفا. وإنما ثبت هذا بأدلة غير الواو.
واله أعلم.
ـ[البراك]ــــــــ[08 - 04 - 04, 01:59 ص]ـ
أخي الفاضل جوزيت خيراً وزوجت حوراً
نقلت فأفدت
أسأل الله أن يبارك فيك
كما تعلم أخي الفاضل أن الحديث ذكر تأخير المضمضة الإستنشاق - وليس المضمضة فقط - ولا توجد قرينة لتفسير هذا التأخير، هل كان ناسياً أم احتاج أن يتمضمض ويستنشق مرة أخرى؟!!
وذكرت أن الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله سئل _ قبل شهر ونصف أو أقل ـ عن حديث تأخير المضمضة في آخر الوضوء؟ فقال: لعله احتاج إلى المضمضة هنا فتمضمض، ويكون قد تمضمضأ قبل ذلك. اهـ، والذي فهمته أن الشيخ لم يعل الحديث، فالحديث صحيح عند الشيخ الخضير - حفظه الله وبارك فيه - ولكنه يرى أنه ليس دليلاً على عدم وجوب الترتيب، أرجو التأكيد على ذلك.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[08 - 04 - 04, 02:29 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم: أنا نقلت السؤال بلفظه، لأن السائل لم يذكر إلا المضمضة، وذكرت إن هذا كان والشيخ على الغداء يعني ليس في مجلس علم ... ، وكان الجواب مختصرا ..
وأظن إن جواب الشيخ هذا مندرج تحت القاعدة المقررة عند أهل العلم أن الحديث إذا جاء مخالفا للأحاديث الكثيرة، أو الأصول الصحيحة المعمول بها، فالعبرة بها، والعمل بها، وما خالفها يبحث له عن تأويل حسب ما يتيسر، على فرض ثبوته، أو عدمه.
والله أعلم.
ـ[البراك]ــــــــ[08 - 04 - 04, 11:26 م]ـ
أخي الفاضل عبدالرحمن
بارك الله فيك
وأرجو من الإخوة إفادتنا هل عرض هذا الحديث على أحد من العلماء، وما هو قوله؟
ـ[البراك]ــــــــ[09 - 04 - 04, 09:59 م]ـ
ذكر الحافظ ابن القطان الفاسي في كتابه " بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام " 2/ 195 ما نصه:
" وتأخيرُ المضمضة والاستنشاق إلى ما بعد غسل الوجه والذراعين بحيث لا يحتمل، إنما أعرفه من حديث المقدام بن معدي كرب، إلا أنه من رواية من لا تعرف حاله، وهو عبدالرحمن بن ميسرة الحضرمي، ذكر الحديث بذلك أبو داود، فاعلمه " ا. هـ
نُقِل للفائدة
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[10 - 04 - 04, 10:35 ص]ـ
نقل قول الحافظ ابن القطان، الحافظ الذهبيُ في " الميزان " (8/ 147)، وتعقبه بقوله: " قلت: ليس كذلك، بل روى عنه أيضاً ثور بن يزيد، وصفوان بن عمرو، ووثقه العجلي وابن حبان ".
قلت – أبوالمنهال –: المثبت مقدم على النافي، ومن كان هذا حاله فيحسن حديثه على أقل تقدير، ومما يطمئن إلى ذلك توثيق الحافظ الذهبي له في " الكاشف "، وتحسين الحافظين النووي، وابن حجر لإسناد حديثه، وقول العلامة الشوكاني: " إسناده صالح "، وقول الشيخ الألباني: " سنده صحيح ".
وقد كان لي بحث حول تحقيق هذا الحديث، ولكني وجدت إخواني المشاركين - حفظهم الله - قد ذكروا غالبه، فآثرت ذكره، حتى لا يسبب الملل من التكرار.
وكتب / أبوالمنهال محمد بن عبده آل محمد الأبيضي.
¥