تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لِشِدَّةِ هَذَا التَّوْدِيع , وَحَمَلُوهُ عَلَى قَتَب بِغَيْرِ غِطَاء وَلَا وِطَاء , مُقَيَّدًا مُكَبَّلًا مُسَلْسَلًا , فَمَرَّ عَلَى مَقْبَرَة آل كَنْعَان فَرَأَى قَبْر أُمّه - وَقَدْ كَانَ وُكِّلَ بِهِ أَسْوَد يَحْرُسهُ فَغَفَلَ الْأَسْوَد - فَأَلْقَى يُوسُف نَفْسه عَلَى قَبْر أُمّه فَجَعَلَ يَتَمَرَّغ وَيَعْتَنِق الْقَبْر وَيَضْطَرِب وَيَقُول: يَا أُمَّاهُ! اِرْفَعِي رَأْسك تَرَيْ وَلَدك مُكَبَّلًا مُقَيَّدًا مُسَلْسَلًا مَغْلُولًا ; فَرَّقُوا بَيْنِي وَبَيْن وَالِدِي , فَاسْأَلِي اللَّه أَنْ يَجْمَع بَيْننَا فِي مُسْتَقَرّ رَحْمَته إِنَّهُ أَرْحَم الرَّاحِمِينَ ... القصة.

وهذه القصة من الإسرائيليات أوردها القرطبي في " الجامع " (9/ 105) عند تفسير قوله تعالى: " وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ " [يوسف: 21]، والتي لا يعول عليها، وخاصة أنها من رواية وهب بن منبه وهو ممن عرف برواية الإسرائيليات.

4 – عن مجاهد أنه كان يكره أن يقول: اللهم ادخلني في مستقر من رحمتك، فإن مستقر رحمته هو نفسه.

أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب " الصمت وآداب اللسان " (347) بسنده فقال:

حدثنا عبد الرحمن بن صالح، حدثنا عبد الله بن قُبَيصة، عن ليث، عن مجاهد به.

وضعف إسناده المحقق الشيخ أبو إسحاق الحويني فقال: إسناده ضعيف. وعبد الله بن قبيصة، قال العقيلي: " لا يتابع على كثير من حديثه ". وقال ابن عدي: " له مناكير " – كما في " الميزان "، وليث هو ابن أبي سليم فيه مقال أيضا، ولم أقف عليه من قول مجاهد.ا. هـ.

كلام أهل العلم عليها:

1 - قال الإمام النووي في " الأذكار " (ص 547):

فصل: ومن ذلك ما رواه النحاسُ عن أبي بكر محمد بن يحيى قال: وكان من الفقهاء الأدباء العلماء، قال: لا تقلْ: جمعَ اللّه بيننا في مستقرُ رحمته، فرحمةُ اللّه أوسعُ من أن يكون لها قرار؛ قال: لا تقلْ: ارحمنا برحمتك.

قلت: لا نعلمُ لما قاله في اللفظين حجة، ولا دليلَ له فيما ذكره، فإن مرادَ القائل بمستقرّ الرحمة: الجنة، ومعناه: جمعَ بيننا في الجنة التي هي دار القرار ودار المقامة ومحل الاستقرار، وإنما يدخلها الداخلون برحمة اللّه تعالى، ثم من دخلَها استقرّ فيها أبداً، وأمِنَ الحوادث والأكدار، وإنما حصل له ذلك برحمة اللّه تعالى، فكأنه يقول: اجمع بيننا في مستقرّ نناله برحمتك.ا. هـ.

2 - ونقل البعلي عن شيخ الإسلام ابن تيمية في " الاختيارات الفقهية " (ص 460) ما نصه:

وَيُكْرَهُ الدُّعَاءُ بِالْبَقَاءِ لِكُلِّ أَحَدٍ لِأَنَّهُ شَيْءٌ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي أَصْرَمَ.

وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ جَمَعَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ فِي مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِهِ فَقَالَ: لَا تَقُلْ هَذَا.

وَكَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ - يعني شيخ الإسلام -: يَمِيلُ إلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الدُّعَاءُ بِذَلِكَ.

وَيَقُولُ: إنَّ الرَّحْمَةَ هَهُنَا الْمُرَادُ بِهَا الرَّحْمَةُ الْمَخْلُوقَةُ، وَمُسْتَقَرُّهَا الْجَنَّةُ، وَهُو قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ.ا. هـ.

3 - وقال الإمام ابن القيم في " بدائع الفوائد " (2/ 253 - 254):

وعلى هذا فلا يمتنع الدعاء المشهور بين الناس قديما وحديثا وهو قول الداعي اللهم اجمعنا في مستقر رحمتك، وذكره البخاري في كتاب " الأدب المفرد " له عن بعض السلف، وحكى فيه الكراهة قال: إن مستقر رحمته ذاته، وهذا بناء على أن الرحمة صفة، وليس مراد الداعي ذلك بل مراده الرحمة المخلوقة التي هي الجنة.

ولكن الذين كرهوا ذلك لهم نظر دقيق جدا، وهو أنه إذا كان المراد بالرحمة الجنة نفسها لم يحسن إضافة المستقر إليها، ولهذا لا يحسن أن يقال اجمعنا في مستقر جنتك فإن الجنة نفسها هي دار القرار، وهي المستقر نفسه كما قال: " حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا " [الفرقان: 76] فكيف يضاف المستقر إليها؟ والمستقر هو المكان الذي يستقر فيه الشيء، ولا يصح أن يطلب الداعي الجمع في المكان الذي تستقر فيه الجنة فتأمله، ولهذا قال مستقر رحمته ذاته،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير