تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فظاهر هذا أنه حانت له فرصة التقائه مع شيخه "عبيد" وسماعه بمفرده هذا الحديث منه دون مزاحمة الآخرين له، وعبيد بن إسحاق هذا يعرف بعطار المطلَّقات، وقد قال فيه أبو حاتم: "ما رأينا إلا خيراً، وما كان بذاك الثبت، وفي حديثه بعض الإنكار"

وقال علي بن مسلم عند رواية له عنه: "كان شيخ صدق" ولكن بقية من تكلموا فيه، وهم جماعة، اتفقوا على تضعيفه، ومنهم من وصفه بالترك، وبأن الأحاديث التي يحدث بها باطلة. (ينظر لسان الميزان 4/ ترجمة 240).

واقتصر العقيلي كما سيأتي، على ذكر الحديث المذكور مثالاً لما ينتقد عليه هو دون من فوقه من السند، وهما: سيف وسعد الأسكاف مع ترجمته لهما، ولكن الإمام الفسوي مع روايته الحديث عنه مباشرة بصيغة "حدثني" كما تقدم فإنه لم يتكلم عنه بشيء، ولم يشركه في علة الحديث مع شيخه وشيخ شيخه فيه، وهما سيف، وسعد الأسكاف، كما فعل غيره، (كالجورقاني في الأباطيل 2/ 341 - 316) بل اقتصر على إعلال الحديث بتضعيفه الشديد لهما فقط، كما تقدم، مع أن مدار الحديث على شيخه عبيد، كما سيتضح من بقية تخريجه خلال هذا البحث.

(وينظر المجروحين لابن حبان 1/ 66 والكامل لابن عدي 3/ 1188، 1271، م/1986 والموضوعات لابن الجوزي 1/ 361، والأباطيل للجوزقاني 2/ح 728، 729 بتحقيق الأخ الدكتور الفريوائي).

فلعل الإمام الفسوي لم يخبُر حال شيخه عبيد هذا كما خبرها من ضعفوه، أو اقتصر على الأشد ضعفاً عنده.

وأما الترمذي (ت 297هـ) فقد أخرج حديثاً واحداً من طريق النضر بن حماد عن سيف.

(جامع الترمذي حديث 3866 - المناقب).

ووصف الترمذي الحديث بأنه منكر، وعلل ذلك بكون كل من النضر بن حماد وسيف، مجهول، وهذا يعني أن الحديث عنده ضعيف فقط، وليس متروكاً، بدليل تخريجه له في جامعه، وقد جعل علة الضعف مشتركة بين النضر وسيف، وليس سيفاً وحده، ثم إن قول الترمذي بجهالة كل من النضر وسيف مردود بمعرفة غيره لحالهما وهو: أبو حاتم بالنسبة للنضر كما تقدم، وأبو حاتم وغيره بالنسبة لسيف كما تقدم، وكما سيأتي.

وأيضاً تقدم أن سيفاً روى عنه خمسة عشر راوياً منهم أربعة محتج بهم، وعندما ذكره ابن ماكولا:

قال: سيف بن عمر، مشهور، (الإكمال 1/ 119) وبذلك يزول حكم الترمذي عليه بالجهالة، لأن العبرة بمن عرف.

أما النسائي (ت 303هـ) فإنه مع ما عرف عنه من تشدد فقد قال: ضعيف، وهذا أخف من الوصف بمتروك.

وأما العقيلي (ت 322هـ) فقد اقتصر على ذكر قول ابن معين السابق بأن سيفاً "ضعيف" فقط.

ثم أخرج من طريقه حديثاً فقط وهو لابن عباس وعلي رضي الله عنهما، مرفوعاً ..

(وهو في عرض الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل (الضعفاء للعقيلي 2/ 175).

وذكر أن سيفاً لا يتابع عليه، وعلى كثير من حديثه، وهذا يفيد تضعيفه لسيف من جهة ضبطه لمروياته الحديثية فقط، دون مساس بعدالته في الدين، أو بمروياته التاريخية كما سيأتي.

ثم قرر العقيلي: أن الأحاديث في موضوع الحديث الذي خرجه من طريق سيف أحاديث فيها لين، "وإن أحسنها حديث جابر، .. وساق سنده من غير طريق سيف، إلى أبي الزبير عن جابر ولم يسق متنا. ومعنى ذلك أن الحديث وشواهده، ومتابعاته، فيهات ضعف قليل وإن كان من بينها ما هو أقل ضعفاً من رواية سيف.

ثم ترجم العقيلي بعد ذلك لعبيد بن إسحاق العطار (ينظر ضعفاء العقيلي بتحقيق عبد الله حافظ 1066، 1067، لسقوط أكثر الترجمة من الطبعة الحالية بتحقيق الدكتور/ قلعجي، 3/ 115 وقارن بلسان الميزان 4/ ترجمة 240) الذي روى عنه الفسوي -كما تقدم- حديث: "معلمو صبيانكم شراركم .. " وقد اقتصر العقيلي في ترجمة "عبيد" هذا على ذكر هذا الحديث مثالا لما انتقد عليه، مع ذكره من طريق عبيد ابن إسحاق عن سيف عن سعد الأسكاف، به كما تقدم في رواية الفسوي، دون ذكر القصة.

مع أن العقيلي ترجم أيضاً لسيف كما تقدم، وترجم لسعد الأسكاف أيضا، (الضعفاء 2/ 120 تحقيق دكتور قلعجي وص 595 تحقيق د/ عبد الله حافظ) ولكن لم يذكر هذا الحديث ضمن ما ينتقد على أي منهما، ولا على غيرهما خلال الكتاب كله، ومقتضى ذلك اقتصاره في تعليل الحديث على "عبيد بن إسحاق" وحده، وهذا يعارض ما تقدم عن الفسوي، كما يعارضه ما سيأتي عن غير العقيلي بشأن هذا الحديث وروايته من طريق: "عبيد عن سيف عن سعد الأسكاف".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير