تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(المرجع السابق 4/ 1759).

والذي يستفاد من ذلك، تعويل الدار قطني على سيف في الروايات التاريخية وأحاديث الفضائل، ويحمل تضعيفه على الروايات الحديثية في أحكام الحلال والحرام ونحوها.

وأما الحاكم أبو عبد الله (ت 405هـ) فإنه في المدخل إلى الصحيحين قال: "اتهم بالزندقة، وهو ساقط في رواية الحديث". (المدخل إلى الصحيحين للحاكم 1/ ترجمة 77 بتحقيق الأخ الدكتور/ إبراهيم الكليب). وقد تقدم الرد على تهمة الزندقة، وبيان براءة سيف منها.

وأما وصفه بسقوط الرواية في الحديث، فهو مع شدته، مقيد بروايته للحديث فقط دون روايته التاريخية ونحوها.

وعامة من ترجم لسيف بعد الحاكم قد اعتمد عليه، وعلى من سبقوه، مثل: قول أبي نعيم الأصبهاني (ت 430هـ): سيف بن عمر الضبي الكوفي متهم في دينه، مرمي بالزندقة، ساقط الحديث، لا شيء. (مقدمة أبي نعيم في الضعفاء من مستخرجه على صحيح مسلم 1/ 68).

فيلاحظ أن هذه العبارة منتزعة من أقوال من سبقوا أبا نعيم مثل: أبي داود السجستاني، والحاكم أبي عبد الله، وقد تقدم ذكر تلك الأقوال ومناقشتها، فتنسحب المناقشة على قول أبي نعيم هذا تبعاً لما انتزعت منه.

ومع أن ابن الجوزي قد عرف بالتساهل في الحكم بالوضع في كتابه الموضوعات الكبرى، فإنه لم يذكر في كتابه حديثاً موضوعاً تفرد به سيف بن عمر، بل اخرج من طريقه حديثين فقط:

الأول: حديث: "شراركم معلموكم .. " أو "معلمو صبيانكم شراركم .. " وسبق ذكره، وبيان تصريح ابن الجوزي بأن سعد بن طريف شيخ سيف في إسناده، هو أقوى تهمة به من سيف.

(تنظر الموضوعات لابن الجوزي بتحقيق الأخ الدكتور نور الدين بويا جيلار، ط. أضواء السلف 1/ 362/ كتاب العلم).

الثاني: حديث/ "اللهم إنك باركت لأمتي في صحابتي فلا تسلبهم البركة .. " الحديث.

وقد أخرجه من طريق سيف بن عمر عن وائل بن داود عن يزيد البهي عن الزبير بن العوام، مرفوعاً.

وقال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه مجهولون وضعفاء.

وأقبحهم حالاً سيف وهذا فيه إشارة من ابن الجوزي إلى اتهام سيف بوضع الحديث، ولكن السيوطي تعقبه بأن للحديث طريقاً آخر، (المرجع السابق 2/ 274/ كتاب المناقب) وقد أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد من طريق محمد بن الوليد بن أبان الهاشمي عن يعقوب بن ناصح عن عيسى بن يونس عن وائل بن داود، به، بنحوه، دون صدر الحديث السابق ذكره ومع زيادة في آخره.

(اللآلي المصنوعة للسيوطي 1/ 429/ كتاب المناقب).

وفي هذا الطريق تابع عيسى بن يونس سيفاً كما ترى، على رواية الحديث عن وائل بن داود، فلم ينفرد به سيف، حتى يتهم بوضعه، وعيسى بن يونس قال الدار قطني فيه: مجهول.

كما أن في هذا الطريق محمد بن الوليد بن أبان، قال ابن عدي: يضع الحديث، ويوصله، ويسرق، ويقلب الأسانيد والمتون، وقال الحسين بن أبي معشر: محمد بن الوليد بن أبان كذاب فهو أولى بتحمل تبعة الحديث. (ينظر الكامل لابن عدي 6/ 2287 - 2289، وتنزيه الشريعة 2/ 9 - 10 والميزان 4/ ترجمة 8293، واللسان 5/ ترجمة 1374).

ومن استعراض قول الحاكم المذكور، وأقوال من سبقوه يمكن استخلاص الآتي:

1 - أن اتهام سيف بالزندقة ليس في محله.

2 - أنه ليس من هؤلاء النقاد من وصف سيفاً صراحة، "بالكذب" ولا من وصفه بأنه "متهم بالكذب".

نعم إن الوصف بوضع الحديث يتضمن الوصف بأشد أنواع الكذب، وهو الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم نجد من هؤلاء النقاد من صرح بوصف سيف بوضع الحديث إلا ابن نمير، ثم السيوطي، ولكن لم يقدما ولا غيرهما دليلاً معتبراً على ذلك.

وأيضاً قول ابن حبان: "كان يروي الموضوعات عن الأثبات" فهو وإن أشار إلى الاتهام بالكذب، كما قدمت، لكن ليس فيه تصريح بذلك، كما أنه لم يقدم لا هو ولا غيره، دليلاً معتبراً على ذلك، وهو في موقف البيان.

وسيأتي تقرير الحافظ ابن حجر أن ابن حبان أفحش القول في سيف، ومن باب أولى يقال هذا لمن وصفه بوضع الحديث، كما أسلفت.

3 - أن النقد المصرح به من كل من العقيلي وابن عدي يرجع إلى ضعف ضبط سيف لمروياته الحديثية فقط، دون تعرض لروايته التاريخية وهي الأكثر والمعول عليه فيها غير واحد من النقاد، كما أنه لا مساس بعدالته الدينية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير