وقال السرخسي في المبسوط (قال (ووقت الظهر من حين تزول الشمس إلى أن يكون ظل كل شيء مثله) في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يدخل وقت العصر حتى يصير الظل قامتين ولا خلاف في أول وقت الظهر أنه يدخل بزوال الشمس إلا شيئا نقل عن بعض الناس إذا صار الفيء بقدر الشراك لحديث إمامة جبريل عليه السلام {قال صلى الله عليه وسلم صلى بي الظهر في اليوم الأول حين صار الفيء بقدر الشراك}. ولكنا نستدل بقوله تعالى {لدلوك الشمس} أي لزوالها والمراد من الفيء مثل الشراك الفيء الأصلي الذي يكون للأشياء وقت الزوال وذلك يختلف باختلاف الأمكنة والأوقات فاتفق ذلك القدر في ذلك الوقت وقد قيل لا بد أن يبقى لكل شيء فيء عند الزوال في كل موضع إلا بمكة والمدينة في أطول أيام السنة فلا يبقى بمكة ظل على الأرض وبالمدينة تأخذ الشمس الحيطان الأربعة وذلك الفيء الأصلي غير معتبر في التقدير بالظل قامة أو قامتين بالاتفاق وأصح ما قيل في معرفة الزوال قول محمد بن شجاع رضي الله عنه أنه يغرز خشبة في مكان مستو ويجعل على مبلغ الظل منه علامة فما دام الظل ينقص من الخط فهو قبل الزوال وإذا وقف لا يزداد ولا ينتقص فهو ساعة الزوال وإذا أخذ الظل في الزيادة فقد علم أن الشمس قد زالت) انتهى
وقال الكاساني في بدائع الصنائع ((وأما) أول وقت الظهر فحين تزول الشمس بلا خلاف , لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {أول وقت الظهر حين تزول الشمس}. وأما آخره فلم يذكر في ظاهر الرواية نصا , واختلفت الرواية عن أبي حنيفة , روى محمد عنه إذا صار ظل كل شيء مثله سوى فيء الزوال , والمذكور في الأصل ولا يدخل وقت العصر حتى يصير الظل قامتين ولم يتعرض لآخر وقت الظهر , وروى الحسن عن أبي حنيفة أن آخر وقتها إذا صار ظل كل شيء مثله سوى فيء الزوال , وهو قول أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن والشافعي , وروى أسد بن عمرو وعنه إذا صار ظل كل شيء مثله سوى فيء الزوال خرج وقت الظهر 00) انتهى
وقال ابن قدامة في المغني (سألة: قال: (فإذا صار ظل كل شيء مثله فهو آخر وقتها) يعني أن الفيء إذا زاد على ما زالت عليه الشمس قدر ظل طول الشخص , فذلك آخر وقت الظهر. قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله: وأي شيء آخر وقت الظهر؟ قال: أن يصير الظل مثله. قيل له: فمتى يكون الظل مثله؟ قال: إذا زالت الشمس , فكان الظل بعد الزوال مثله , فهو ذاك. ومعرفة ذلك أن يضبط ما زالت عليه الشمس , ثم ينظر الزيادة عليه , فإن كانت قد بلغت قدر الشخص , فقد انتهى وقت الظهر ; ومثل شخص الإنسان ستة أقدام ونصف بقدمه , أو يزيد قليلا , فإذا أردت اعتبار الزيادة بقدمك مسحتها على ما ذكرناه في الزوال , ثم أسقطت منه القدر الذي زالت عليه الشمس , فإذا بلغ الباقي ستة أقدام ونصف فقد بلغ المثل , فهو آخر وقت الظهر , وأول وقت العصر. وبهذا قال مالك , والثوري , والشافعي , والأوزاعي ونحوه قال أبو يوسف , ومحمد , وأبو ثور وداود وقال عطاء: لا تفريط للظهر حتى تدخل الشمس صفرة. وقال طاوس: وقت الظهر والعصر إلى الليل. وحكي عن مالك: وقت الاختيار إلى أن يصير ظل كل شيء مثله , ووقت الأداء إلى أن يبقى من غروب الشمس قدر ما يؤدى فيه العصر ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر في الحضر. وقال أبو حنيفة: وقت الظهر إلى أن يصير ظل كل شيء مثله ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال {إنما مثلكم ومثل أهل الكتابين كمثل رجل استأجر أجيرا , فقال: من يعمل لي من غدوة إلى نصف النهار على قيراط؟ فعملت اليهود , ثم قال من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط؟ فعملت النصارى , ثم قال: من يعمل لي من العصر إلى غروب الشمس على قيراطين؟ فأنتم هم. فغضب اليهود والنصارى , وقالوا: ما لنا أكثر عملا وأقل عطاء؟ قال: هل نقصتكم من حقكم؟ قالوا: لا؟ قال فذلك فضلي أوتيه من أشاء} أخرجه البخاري وهذا يدل على أن من الظهر إلى العصر أكثر من العصر إلى المغرب. ولنا {أن جبريل عليه السلام صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم الظهر حين كان الفيء مثل الشراك في اليوم الأول , وفي اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثله , ثم قال: الوقت ما بين هذين} وحديث مالك
¥