تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقريب منه ما ذكره الذهبي في ترجمة خالد بن مخلد القطواني ((الميزان 1/ 641)) فإنه أورد حديث: ((من عادى ولياً ... )) الحديث المخرج في صحيح البخاري ثم قال: ((فهذا حديث غريب جداً, لولا هيبة الجامع الصحيح لعدوه من منكرات خالد بن مخلد)) وهو توقف من الذهبي إن لم يكن موافقة على التصحيح مع غصة، وعلى كل فهو يدل على إكبار الذهبي للصحيح.

ولكن الألباني لم يهب الجامع الصحيح فقال في صحيحته ((4/ 184)) على الحديث المذكور:

((وهذا إسناد ضعيف)) اهـ.فانظر إلى الفارق بين الصنيعين, وإلى تعدي الألباني على الصحيحين.

الثاني:

أما عن هذا الأحاديث الثلاثة التي ذكرها الذهبي:

فالحديث الأول:له شواهد كثيرة , وانظر ((ص 77)).

والحديث الثاني: صرح أبو الزبير بالسماع في المسند وانظر [ص 80] , وسيأتي الكلام عليهما وغيرهما مفصلا إن شاء الله تعالي.

والحديث الثالث: صرح أبو الزبير بالسماع في نفس صحيح مسلم [2/ 667] ,فإن الإمام مسلماً رحمه الله تعالى روي الحديث أولاً عن حفص بن غياث عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن يجصص القبر ... )) الحديث, ثم أردفه بمتابعة له: عن حجاج بن محمد وعبد الرزاق عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.

وهذا وهم ظاهر من الذهبي رحمه الله تعالى, ولعله أراد أن يأتي بما يناسب الترجمة, فإنني رأيت له أحاديث كثيرة في تلخيص المستدرك من رواية أبي الزبير عن جابر بالعنعنة وصححها. بل إن الذهبي في رده على ابن القطان السجلماسي رقم عندما وجده يضعف حديثاً رواه أبو الزبير عن جابر غير مصرح بالسماع أغلظ عليه القول وقال له: ((زدت في النكارة)). اهـ. فهل لا زال الألباني بعد هذه الحجة الدامغة يستشهد بكلام الذهبي.

لكن والحق يقال إن الذهبي لم يكن موفقاً في هذه الترجمة وأدل دليلاً على ذلك أنه يقول: في نفسه شيء على أحاديث صرح أبو الزبير بالسماع في أحدهما في نفس صحيح مسلم وهذه غفلة منه بلا شك.

تنبيه:

ضعف الألباني سند حديث البخاري ((من عادى لي ولياً ... )) الحديث.بسبب وجود خالد بن مخلد القطواني كما في صحيحته [4/ 184].

وعجبي لا ينقضي من هذا الصنيع والتعدي على البخاري وجامعه الصحيح. وهاك الآتي:

خالد القطواني ثقة مُكثر احتج به الجماعة، ومن تكلم فيه فلتشيعه وهذا لا يضر، أو لمنكرات رواها.

وخالد كان مكثراً، وعدوه من الحفاظ. [تذكرة الحفاظ 1/ 406].

والمكثر يقع منه بعض ما يتفرد به أو ينكر عليه،ولم يشترطوا العصمة من الخطأ حتى يكون الراوي ثقة.

ثم المنكرات التي وقعت من خالد تتبعها ابن عدي في ((كامله)) [3/ 904 - 907] وجلها من جهة السند فقط وهو ما يقع للحافظ المكثر من أمثال القطواني.

بقي أن تعلم أن خالداً من أشهر شيوخ البخاري،فإذا كان له بعض ما أُنكر عليه فلا بد أن البخاري استبعدها من صحيحه، وهو ما نص عليه الحافظ في مقدمة الفتح [ص 400].

فلا أدري هل الألباني أعلم وأدرى بالبخاري من شيوخه الذين يخرج لهم في الجامع الصحيح؟! أم ماذا ... ؟!.

ـ[عبد الله]ــــــــ[22 - 01 - 03, 04:48 ص]ـ

فصل

وإن سُلَّم ووجدنا حديثاً أو اثنين أو ثلاثة دلس فيها أبو الزبير فيها فلا يعني هذا أن نتوقف في كل حديث لم يصرح فيه بالسماع، وذلك أنه من المعلوم المقرر أن الحمل على الغالب أولى من الحمل على النادر الذي لم يكثر، والحمل على الغالب هو عمل المحدثين في السابق واللاحق. ومن أمثلته كما في جامع التحصيل للعلائي [ص 32] مراسيل الصحابة، فقد وجدَ صحابة أرسلوا عن التابعين، وهذا نادر أو قليل ولكن الغالب أنهم أرسلوا عن صحابة آخرين.

فكان الحمل على الغالب والإعراض عن النادر واجباً، والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل خبثاً. ومنه يُعلم أن للمحدثين أصلاً أصيلاً في تقسيم المدلسين إلى طبقات خمس، وقبولهم رواية أصحاب الطبقة الأولى والثانية وإن لم يصرحوا بالصواب حمل على الغالب.

وليعلم الناظر أن الحديث ليس قواعد صماء، ولكنه يحتاج للنظر كثيراً، وأن يتهم الإنسان نفسه عشرات المرات قبل أن يُقدم على مخالفة المتقدمين، فما بالك بالذي يقدم على تضعيف ما صححته الأمة واحتجت به منذ قرون طويلة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير