فمنه يعلم أن أحمد رحمه الله تعالى لم يرد تضعيف عمر بن حمزة أو ذكره بالمخالفة للثقات وإنما أراد أنه ممن يتفرد بالحديث وهذا لا يضره إلا إذا انفرد مع المخالفة وكان ذلك غالباً على حديثه وإلا فلا، قال الحافظ الذهبي في الموقظة [ص78]: ((وليس من حد الثقة أنه لا يغلط ولا يخطئ فمن الذي يسلم من ذلك غير المعصوم الذي لا يقر على خطأ)).اهـ.
ـ[عبد الله]ــــــــ[30 - 01 - 03, 04:36 ص]ـ
فصل
قال الألباني: ((ثم ساق له الذهبي هذا الحديث،وقال: هذا مما استنكر لعمر)) اعلم أن ذكر الحديث في الميزان أو غيره كالكامل والضعفاء للعقيلي لا يعني تضعيف الحديث، فكم من حديث في الصحيحين ذكره الذهبي في الميزان،أتى به لمناسبات متعددة، تعلم بمطالعة الميزان.
أما عن قول الذهبي: ((فهذا مما استنكر لعمر)).فاعلم أن النكارة تطلق على معان:
أحدهما مرادف للشاذ وهو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه.
مخالفة الراوي الضعيف لمن هو ثقة أو أرجح منه.
تفرد الراوي الضعيف بما لم يتابع عليه وله شواهد.
غرابة المتن بركاكة لفظه أو مخالفة معناه للأصول أو لبعض الأحاديث الصحيحة.
انفراد الراوي بالحديث فيكون مرادفاً للفرد المطلق
-أما الأول: فإن عمر لم يخالف أحداً لا هو أوثق منه ولا مثله لا في إسناده أو متنه والله أعلم.
-والثاني داخل في النوع الأول.
-
وأما الثالث: فإن عمر بن حمزة احتج به مسلم وعلق له البخاري بصيغة الجزم، وقال الحاكم: أحاديثه مستقيمة،- وذكره ابن حبان في الثقات،-وقال الذهبي في جزء الثقات المتكلم فيهم: صدوق يغرب، وصحح الحافظ حديثه لغيره كما سيأتي إن شاء الله تعالى، والقول الأظهر لابن معين تعديله، فبهذا كله-بل وبأقل من هذا-يصحح حديث الرجل، ويعتبر من أهل الصدق والعدالة ولا يكون ضعيفاً. فإن سلم أنه ضعيف، فلا يعني هذا نكارة الحديث لوجود الشواهد الكثيرة له كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
-أما الرابع فإن الحديث ليس فيه غرابة في اللفظ أو ركاكة فيه أو مخالفة للأصول بل العكس هو الصحيح لكل عقل رجيح.
-فلم يبق إلا الخامس وهو المتعين،وهو لا يضر كما تقدم عن الذهبي في الموقظة.
فكأن الحافظ الذهبي أراد أن يفسر قول أحمد أحاديثه مناكير-أي مفردات-فقال بعد سياق الحديث فهذا مما استنكر لعمر. فالفاء هناتفسيرية، تفسر قول أحمد الذي عنى به التفرد. ومما يؤيد هذا ويوضحه، مسلك الذهبي نفسه في ترجمة عمر بن حمزة حيث ختم الترجمة بقوله: ((قلت-أي الذهبي-:روى عنه أبو أسامة ومروان بن معاوية، وأبو عاصم)) ثم ختم ترجمته بقوله: ((واحتج به مسلم ومن المعلوم أن مسلماً لا يحتج إلا بثقة عنده)).
أبو أسامة ومروان حافظان ثقتان احتج بهما الجماعة، وأبو عاصم الكوفي ثقة، فهؤلاء ثلاثة ثقات أثبات رووا عن عمر بن حمزة،ذكرهم ليقوي حال عمر بن حمزة لرد ما غمز به.وإلا فما الداعي لذكر هؤلاء الثلاثة فقط، وترك غيرهم من الرواة؟.
هذا عن كلام الذهبي في الميزان، أما في جزء من تكلم فيه وهو موثق، فقال الذهبي [ل25]: ((عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر العمري صدوق يغرب)) اهـ.
وهذا لم يقف عليه الألباني،فاعتمد قول الذهبي في الميزان وفسره بما يوافقه،وهو لا يدري أن للذهبي قولاً آخر في عمر بن حمزة.
فصل
وبعد أن تبين لك حقيقة أقوال يحيى بن معين والنسائي وأحمد ثم الذهبي وأنهم لم يضعفوه،بل الأول الراجح من كلامه التعديل، والثاني-مع تشدده-لينه تلييناً هيناً،والثالث لم يجرحه، والأخير قوي أمره وقال: صدوق يغرب. بعد أن تبين ذلك تعرف أن إطلاق الضعف عليه اعتماداً على ما في الميزان ليس بجيد, وأن الذي يتصدى للتصحيح والتضعيف والكلام على الرجال ينبغي له أن يرجع للأصول, ويعرف مخارج الكلام, ومعاني الألفاظ, والتصرف في الاصطلاحات ليأمن الخطأ والزلل, وهذا عزيز بل نادر.
فصل
وقد قوى أمر عمر بن حمزة وأثنى عليه جماعة من الحفاظ. منم إمام الصناعة ومقدمهم البخاري, ثم تلميذه مسلم, ومنهم ابن حبان ثم تلميذه الحاكم.
أولا: أما البخاري رحمه الله تعالى: فقد ترجمه في التاريخ [3/ 2/148] وسكت عنه كأنه لم يثبت عنده جرح فيه, وقوى حاله فعلق له في صحيحه في موضعين () بقوله قال: وهي من صيغ الجزم كما نص على ذلك الحافظ مقدمة الفتح [ص17].
¥