والقديم يأتي بهنّ، سواء ذكرهنّ في القراءة، أو بعدها ما لم يركع، وعنده أنّ محلهنّ القيام، وهو باقٍ" [63].
قال ابن قدامة: "فإن نسي التكبير في القراءة لم يَعد إليه" [64].
أدلة القول الأول: وجهه عندهم: أنّ محل التكبير محله القيام فلم يفوت محله.
أدلة القول الثاني: وجهه عندهم: أنّ التكبير محله قبل القراءة، فإذا شرع في القراءة، فات المحل، وهو ذكر مسنون مثل دعاء الاستفتاح، فإذا فات محله لم يرجع إليه.
الترجيح: والراجح -والله أعلم- أنّ التكبيرات محلها قبل القراءة، وليس القيام، ولذلك إذا فات محله فات، ولم يرجع إليه، ويشرع السجود للسهو، ولا يجب.
فصل:
إذا أدرك المأموم بعض التكبيرات، أو أدرك قراءة الإمام أو ركوعه فإنّه يتابع الإمام فيما أدركه، ويقضي إن عليه قضاء ما فاته على صفته.
قال النوويُّ: "ولو أدرك الإمام أثناء القراءة، وقد كبَّر بعض الصلوات؛ فعلى الجديد، لا يكبِّر ما فاته. وعلى القديم يُكبِّر.
ولو أدركه راكعًا ركع معه، ولا يكبِّر بالاتِّفاق، ولو أدركه في الركعة الثانية، كبَّر معه خمسًا على الجديد، فإذا قام إلى الثانية كبَّر أيضًا خمسًا" [65].
وقال ابن قدامة: "ومن كبَّر قبل سلام الإمام، صلَّى ما فاته على صفته" [66].
وقال قدامة صاحب الشرح الكبير: "وإن أدرك معه ركعة – وقلنا: ما يقضيه المسبوق أوّل صلاته – كبَّر في الذي يقضيه سبعًا. وإن قلنا: آخر صلاته؛ كبَّر خمسًا" [67].
القراءة في صلاة العيدين:
استحبّ أهل العلم أن يقرأ فيهما بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس بلازم عندهم، فأيّ شيء قرأ أجزأه.
فاستحبوا أن يقرأ بسورة ق، وسورة القمر. فعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أنّ عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي: ما كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر؟ فقال: كان يقرأ بـ ?ق وَ?لْقُرْءانِ ?لْمَجِيدِ? و??قْتَرَبَتِ ?لسَّاعَةُ وَ?نشَقَّ ?لْقَمَرُ? [68].
أو بالأعلى والغاشية. فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة: بـ ?سبّح اسم ربّك الأعلى?، و?هل أتاك حديث الغاشية?. قال: وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد يقرأ بهما أيضًا في الصلاتين [69].
قال ابن المنذر: "الإمام بالخيار إن شاء قرأ في صلاة العيدين بـ {ق}، و {اقتربت الساعة}، وإن شاء قرأ بـ {سبّح اسم ربّك الأعلى}، و {هل أتاك حديث الغاشية}، والاختلاف في هذا من جهة المباح، وإن قرأ بفاتحة الكتاب وسورة سوى ما ذكرناه أجزأه" [70]، والله تعالى أعلم.
فصل:
إذا قرأ الإمام آية سجدة في الصلاة أو الخطبة وسجد، هل يسجد مَن معه؟
قال أبو سليمان الجوزجاني: "قلت – لمحمد بن الحسن -: أرأيت إمامًا قرأ السجدة يوم العيد؟ قال: عليه أن يسجد ويسجد معه أصحابه.
قلت: وكذلك لو قرأها وهو يخطب؟ قال: نعم، يسجدها ويسجد من سمعها، وأمّا إذا قرأها في الصلاة فسجدها سجدها معه مَن سمعها، ومَن لم يسمعها، جميع من معه في الصلاة" [71].
سجود السهو في العيدين:
صلاة العيدين كسائر الصلوات إن وقع فيها سهو فإنّه يسجد للسهو فيها.
قال الجوزجاني: قلت – لمحمد بن الحسن -: أرأيت السهو في العيدين والجمعة والصلاة المكتوبة والتطوع أهو سهو؟ قال: نعم [72].
والتكبيرات الزوائد سنة يشرع للإمام إذا نسيها أن يسجد السهو لها، ولا يجب.
قال ابن عبد البر: "فإن نسي التكبير وقرأ ثم ذكر قبل أن يركع رجع فكبّر التكبير على وجهه، ثم قرأ وتمادى في صلاته، وسجد بعد السلام السهو، وإن لم يذكر ولم يسبح به حتى ركع وتمادى في صلاته وسجد قبل السلام السهو" [73].
وقال ابن شاس: "لو نسي التكبير في ركعة فلا يتداركها إذا تذكرها بعد الركوع أو فيه، وليسجد قبل السلام، وقيل: يتداركها ما لم يرفع رأسه منه، وإن تذكر قبل الركوع كبّر ثم أعاد القراءة، وسجد بعد السلام، وقيل: لا يعيدها" [74].
قال ابن مفلح: "إن نسي التكبيرات ساهيًا لا يلزمه سجود؛ لأنَها هيئة" [75]، والله أعلم.
القنوت في العيدين:
لا يقنت في صلاة العيدين إلا إن كانت هناك نازلة.
قال الشافعي: "ولا قنوت في صلاة العيدين ولا استسقاء، وإن قنت عند نازلة لم أكره، وإن قنت عند غير نازلة كرهت له" [76]. والله أعلم.
¥