تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحقاً! فما أجملَ بك أن تقولَ: جمال البنَّا والعلمانيون (تشابهت قلوبهم)! لأنَّ الرأي الذي ذكره (جمال البنا) تأصيلٌ لعداوة العلمانيين للإسلام ودعاته؛ بل هو يتطابق مع العلمانيين حين يقولون: الإسلام لا دخل له بالسياسة، بل هو محصور في زوايا المسجد، وتكايا الذكر، ويعني ذلك أن ننسف كلَّ تاريخ الإسلام، الذي كان قائماً على حفظ السياسة الشرعيَّة للمسلمين، وعلى حماية دولهم، بل حتَّى الدولة التي أقامها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في المدينة المنوَّرة والتي كانت منطلقاً للجيوش الإسلاميَّة لفتح الدول التي صدَّت عن الإسلام أو قاومت جيوشه، فهذه الدولة على مقتضى آراء جمال البنَّا كانت خطأً شنيعاً؛ وذلك لأنَّ الأصل أن تقوم هذه الدولة بالفصل بينها وبين الدين؛ لأنَّ الإسلام في نظره (دين وأمَّة) وليس (ديناً ودولة) وهذه توصية من (جمال البنا) للإسلاميين بأن (يتقزَّموا) و (يتقوقعوا) على أنفسهم وألاَّ يتدخَّلوا في قضايا السياسة، أو أن يسعوا لإقامة دولة الإسلام، فهذا حرام عليهم، أمَّا على العلمانيين والليبراليين فحلال لهم ذلك! فليحكمنا العلمانيون والزنادقة، وليكن الإسلاميون مقتصرين على السبحة والدروشة فقط!

(6)

تقديمه للعقل (الهوى) على النصوص الشرعيَّة

يرى (جمال البنا) أنَّه لا مانع أن يكون العقلُ حاكماً على القضايا الدينيَّة والشرعيَّة، وكان هذا واضحاً من خلال مناظرته مع الأستاذ محمد إبراهيم مبروك في قناة الجزيرة ببرنامج (الاتجاه المعاكس) [9] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=1763#_ftn9)، وكذلك في عدد من كتاباته، فهو يرى إعمال العقل في كل ما يتعلق بالدين والدنيا والإيمان بالقيم، إذ يقول: (إنَّ كل ما يتعلق بالشريعة من علاقات يفترض أن تتفق مع العقل أولا، ولا يكون الوحي إلاَّ مؤكداً ومكمِّلاً له، أي إعمال العقل في فهم النص، وهذا يجعل العقلانيَّة هي المرجعيَّة الإسلاميَّة فيما يتعلَّق بالشريعة) [10] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=1763#_ftn10)!! ومن هنا فإنَّ هذا الأمر قد أثر تأثيراً بالغاً في منهجه في التفسير بحيث إنه لا يعتدُّ بتفسير أهل العلم، ولا يقيد القرآن بالسنة، بل يكون العقل -أي الهوى- هو الحاكم على نصوص الكتاب والسنَّة.

كما يرى أنَّ المسائلَ التي يحصلُ فيها خلافٌ بين الفقهاء والعلماء؛ فإنَّ أفضل حل أن يكون الرجوعُ ليس لنصوص الكتاب والسنَّة بالفهم الصحيح، بل بالرجوع إلى العقل فحسب!

إذ يقول عن القرآن والسنة: (وأقوى منهما جميعًا الرجوعُ إلى العقل وتحكيم المنطق السليم وطبيعة الشريعة ومقاصدها، حتى وإن كان الموضوع عباديا، لأنه ما دام بعيدًا عن ماهية الله تعالى وعالم السمعيات فإنه يخضع لحكم العقل والنظر، وما يهدي إليه المنطقُ السليم، والقول بذلك يحرم الناس من استخدام عقولهم، ويعطل ملكات التفكير ويجعلهم أسرى للروايات) [11] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=53&ArticleID=1763#_ftn11).

والجواب عن دعواه أن نقول: من المقطوع به أنَّ للعقل عملَه في بلورة الأفكار، إلاَّ أنَّ النص القرآني أو النبوي حاكم على العقل، فالحكم يكون مقدَّماً لشريعة الإسلام على عقل الإنسان، وليس العكس، ثمَّ لو تحاكمنا للعقل فلأي عقل نتحاكم ونحتكم؟ إلى عقلك يا (جمال) أم إلى عقل مَنْ؟

إنَّ العقول مختلفة، والآراء بعدها ستكون متضاربة، وإنَّ أفضل حل أن نجعل الوحي والنقل هو الحكم على اختيارات العقل، فهناك عقول كبيرة وعقول صغيرة، وهناك عقول كليلة وعقول صحيحة، وهناك عقول ذكيَّة وعقول غبيَّة، فأفضل طريق لنا لكي نوحد مصدر التلقي أن تكون الشريعة والوحي حاكماً على العقل، ولن يتعارض العقلُ الصحيح مع النقل الصريح كما قرَّره علماء الإسلام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير