وقد يجيب أحدٌ ما عن ذلكفيقول: أن أبا داود أخرجه في سننه بإسناده موصولا عن أبي معقل عن أنسبن مالك، قال:
"رأيت رسول الله صلى الله عليه يتوضأوعليه عمامة قطرية، فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه، ولم ينقض العمامة" (4).
وأبو معقل وإن كان فيه مقال، لكنه لا يمنع من أن يعتضد بهمرسل عطاء فينهض بذلك الحديث للاحتجاج به، كما ذكر الحافظ في الفتح (5).
* لكن يمكن الاعتراض عليه أيضا بمايلي: أولا: بما صح عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – بأنه كان يمسحعلى العمامة مع كونه راوي الحديث السابق.
فقد روى عبدالرزاق بإسناده عن عاصمقال:
"رأيت أنس بن مالك بال ثم قام فتوضأ، فمسح على خفيهوعلى عمامته، ثم قام فصلى صلاة مكتوبة" (6).
وهذا يعضد ما قالهالبهوتي سابقا حيث قال:
" ما روي أنه صلى الله عليه وسلم مسح مقدم رأسهفمحمول على أن ذلك مع العمامة كما جاء مفسراً في حديث المغيرة بن شعبة، ونحن نقولبه"
وحديث المغيرة بن شعبة هو:
"أَنَّالنَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِوَعَلَى الْعِمَامَةِ وَعَلَى الْخُفَّيْنِ".
ثانياً: حتى إذا نهضالحديث ليكون حجة، فإنه لا يقوى على إلقاء دلالة الأحاديث الصحيحة الصريحة التيورد فيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم مسح على العمامة كماسبق. ــــــــــــــــــ
1 - مسند الشافعي: 10/ 317، مصنف ابن أبي شيبة: 1/ 30،مصنف عبد الرزاق: 1/ 148، البهقي، سننه: 1/ 106،ومعرفة السنن والآثار: 1/ 160.
2 - الشافعي، الأم: 1/ 92،الخطابي، اعلاءالسنن:1/ 45، الشيباني، الحجة:1/ 39، الماوردي، الحاوي الكبير: 1/ 356، ابن رشد، المقدمات: 1/ 52،، النووي، المجموع:1/ 226.
3 - البهوتي، كشاف القناع:1/ 98.
4 - أبو داود، سننه:29، ابن ماجة، سننه: 146، ابن عبد البر، التمهيد: 7/ 278،البيهقي، سننه:1/ 106و 161.
5 - ابن حجر، فتح الباري:1/ 293.
6 - مصنفعبدالزاق:1/ 148، مصنف ابن أبي شيبة:1/ 29، الباكستاني: ما صح من آثار الصحابة فيالفقه: 1/ 138.
28 - 09 - 2007 AM 09:43
4- وقد استدلوا بما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ومن ذلك:
1 - ما ورد عن جابر – رضي الله عنه -:
فقد روى الترمذيبإسناده عن أبي عبيدة، قال: سألت جابر بن عبدالله عن المسح على الخفين؟ فقالالسنة يا ابن أخي. قال: وسألته عن المسح على العمامة؟ فقال:
" أمس الشعر الماء " (1).
2 - وروى ابن أبي شيبة بإسناده عننافع عن ابن عمر:
" أنه كان لا يمسح على العمامة " (2).
* ويمكن الإجابة على ذلك بمايأتي: أولا: ورد أثر جابر رضي الله عنه في رواية الترمذي المذكورةسابقا عندما سأله السائل عن المسح على العمامة بلفظ:
" أمسالشعر الماء"
لكن الأثر ورد في موطأ الإمام مالك بلفظ:
" لا، حتى يمسح الشعر بالماء"
ورواه محمد في الموطأ، والبيهقي في كتابه معرفة السنن والآثار بلفظ:
" لا، حتى يمسالشعر الماء"
وكما هو معلوم فإن دلالة اللفظ الأول وهو:
"أمس الشعر الماء "
مغايرة لدلالة اللفظ الثاني، وهي:
"لا، حتى يمس الشعر الماء"
فالمفهوم مناللفظ الثاني:
لا تمسح على العمامة حتى يمس الشعر الماء. (3)
ثانيا: أماما ورد عن عبدالله بن عمر ليس فيه إلا أنه لم يمسح على العمامة، ولم يصرح بأن المسحعلى العمامة غير جائز، والمسح على العمامة ليس بفرض لا يجزىء غيره، والله أعلموأحكم. (4) ـــــــــــــــــ
1 - الترمذي، سننه:1/ 158،مالك، الموطأ:47،الشيباني، الموطأ:70،ابن المنذر، الأوسط:1/ 470،مصنف ابن أبي شيبة:1/ 29،البيهقي، سننه:1/ 106،م عرفة السننوالآثار:1/ 161،وصحح إسناد الأثر الباكستاني، ينظر: ماصح من آثار الصحابة فيالفقه:1/ 140.
2 - مصنف ابن أبي شيبة:1/ 29،ابن المنذر، الأوسط:1/ 470،البيهقي، سننه:1/ 1/106،ومعرفة السنن والآثار:1/ 161، وصحح الأثر الباكستاني، ينظر: ما صح منآثار الصحابة في الفقه:1/ 139.
3 - وهذا يذكرني بما ورد في حديث المغيرة بنشعبة:
"أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ وَعَلَىالْخُفَّيْنِ".
¥