وقال:" لابد لمن يريد أن يُقوي الحديث بكثرة طرقه أن يقف على رجال كل طريق منها، حتى يتبين له مبلغ الضعف فيها، ومن المؤسف أن القليل جداً من العلماء من يفعل ذلك، ولاسيما المتأخرين منهم؛ فإنهم يذهبون إلى تقوية الحديث لمجرد نقلهم عن غيرهم أن له طرقاً، دون أن يقفوا عليها، ويعرفوا ماهية ضعفها!! والأمثلة على ذلك كثيرة ... "تمام المنة ص 31 و32
قال ابن حجر في الأربعين المتباينة للسماع: "لكن تلك القوة لا تخرج الحديث عن مرتبة الضعف. فالضعف يتفاوت؛ فإذا كثرت طرق حديث رجح على حديث فرد، فيكون الضعيف الذي ضعفه ناشيء عن سؤ حفظ رواته إذا كثرت طرقه ارتقى إلى مرتبة الحسن، والذي ضعفه ناشيء عن تهمة أو جهالة إذا كثرت طرقه ارتقى عن مرتبة المردود المنكر الذي لا يجوز العمل به بحال إلى رتبة الضعيف الذي يجوز العمل به في فضائل الأعمال.
قال السيوطي في (تدريب الراوي) (1/ 177): «وأما الضعيف لفسق الراوي أو كذبه فلا يؤثر فيه موافقة غيره له إذا كان الآخر مثله لقوة الضعف وتقاعد هذا الجابر، نعم يرتقي بمجموع طرقه عن كونه منكراً أو لا أصل له، صرح به شيخ الإسلام [يعني ابن حجر]؛ قال: بل ربما كثرت الطرق حتى أوصلته إلى درجة المستور السيء الحفظ بحيث إذا وجد له طريق آخر فيه ضعف قريب محتمل ارتقى بمجموع ذلك إلى درجة الحسن».
و يقول الشيخ أحمد شاكر في "شرح ألفية الحديث" (ص15) للسيوطي مُعقباً عليه تساهله في هذا الباب في كثير من كتبه:
"أما إذا كان ضعف الحديث لفسق الراوي، أو اتهامه بالكذب، ثم جاء من طرق أخرى من هذا النوع؛ فإنه لا يرقى إلى الحسن، بل يزداد ضعاً إلى ضعف؛ إذ أن تفرد المتهمين بالكذب أو المجروحين في عدالتهم بحديث لا يرويه غيرهم ـ: يرجِّح عند الباحث المحقق التهمة، يؤيد ضعف روايتهم؛ و بذلك يتبين خطأ المؤلف ـ يعني: السيوطي ـ هنا، و خطؤه في كثير من كتبه في الحكم على أحاديث ضعاف بالترقي إلى الحسن، مع هذه العلة القوية" و له نحوه في الباعث الحثيث ص40 فأنظره فإنه من النفائس.
راجع الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات للشيخ طارق بن عوض الله بن محمد فإنه مهم ومفيد في بابه
ثانياً: مذاهب الفقهاء في حكم المسح على الجبيرة.
1 - الأحناف:َ
قال الكاساني: الْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ جَائِزٌ،، وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِهِ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كُسِرَ زَنْدِي يَوْمَ أُحُدٍ فَسَقَطَ اللِّوَاءُ مِنْ يَدِي فَقَالَ النَّبِيُّ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {اجْعَلُوهَا فِي يَسَارِهِ فَإِنَّهُ صَاحِبُ لِوَائِي فِي الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَصْنَعُ بِالْجَبَائِرِ؟ فَقَالَ: امْسَحْ عَلَيْهَا} شُرِعَ الْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ عِنْدَ كَسْرِ الزَّنْدِ فَيَلْحَقُ بِهِ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْجُرْحِ، وَالْقُرْحِ.وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَمَّا شُجَّ فِي وَجْهِهِ يَوْمَ أُحُدٍ دَاوَاهُ بِعَظْمٍ بَالٍ، وَعَصَبَ عَلَيْهِ، وَكَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْعِصَابَةِ}، وَلَنَا فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ؛ لِأَنَّ فِي نَزْعِهَا حَرَجًا وَضَرَرًا. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع - (ج 1 / ص 49)
2 - المالكية "
عن الإمام مالك: فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ وَالظُّفُرِ الْمَكْسِيِّ قَالَ: وَسَأَلْتُ ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَمْسَحُ عَلَيْهَا، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَأَرَى إنْ هُوَ تَرَكَ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبَائِرِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ أَبَدًا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جُنُبًا أَصَابَهُ كَسْرٌ أَوْ شَجَّةٌ وَكَانَ يَنْكُبُ عَنْهَا الْمَاءَ لِمَوْضِعِ الْجَبَائِرِ فَإِنَّهُ إذَا صَحَّ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَبَائِرُ أَوْ الشَّجَّةُ. المدونة - (ج 1 / ص 38)
3 - الشافعية:
¥