تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أقول: لم ينبه المؤلف على أن هذه الزيادة لاتصح، فقد تفرد بروايتها الواقدي (انظر البداية والنهاية 6/ 499)، وهو متروك.

وقال المؤلف في ص 288: قال صلى الله عليه وسلم:"يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب" ثم ذكر المؤلف في الحاشية أن الحديث رواه أحمد وأبويعلى ورجاله رجال الصحيح.

أقول: كلمة "رجاله رجال الصحيح" لاتقتضي صحة الحديث كماهو معروف عند أهل الحديث. وهذا الحديث ضعيف كما حكم عليه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب ح1749. والصواب أن هذا الحديث موقوف على سعد بن أبي وقاص وليس مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر الإمامان أبوزرعة الرازي والدارقطني.

وقال المؤلف في ص 288: " وسئل صلى الله عليه وسلم فقيل له: يارسول الله، أيكون المؤمن جبانا؟ قال: نعم، فقيل: أيكون المؤمن بخيلا؟ فقال: نعم، فقيل: أيكون المؤمن كذابا؟ فقال: لا. ثم قال المؤلف في الحاشية: مالك في الموطأ وهو مرسل ".

أقول: كثير من القراء لايعرفون معنى المرسل، ولا أن المرسل من أنواع الحديث الضعيف، فكان ينبغي التصريح باللفظ المعروف عند أكثر قراء هذا الكتاب، كماحكم عليه الألباني في ضعيف الترغيب ح 1752 بقوله: مرسل ضعيف.

4 - المأخذ الرابع، وهو أخطرها وأقبحها وهو أن المؤلف يزيد في الأحاديث زيادات من عند نفسه دون أن يبين ذلك، واضطره إلى ذلك استعماله للأسلوب التمثيلي في ذكر الأحاديث بمعنى أنه يريد أن يصور مشهد الحديث ويمثله (أي يجعله تمثيلية)، فيحتاج إلى أن يزيد في الحديث زيادات قائمة على الاستنتاج العقلي يمط بها الرواية مطا لتكتمل صورة المشهد التمثيلي الذي يريد أداءه. وهذا من جنس مايفعله مؤلفو مايسمى بالمسلسلات التاريخية فإنهم يضعون قصة كاملة بكافة أحداثها وتفصيلاتها قد لا تمثل الحقيقة منها سوى العشر أو أقل، والباقي كله مخترع. وهذا أحد الأمور التي أنكرها العلماء على القصاص قديما. روي عن أبي الوليد الطيالسي قال: كنت مع شعبة، فدنا منه شاب، فسأل عن حديث فقال له: أقاص أنت؟ قال: نعم قال: اذهب؛ فإنا لا نحدِّث القصاص. فقلت له: لم يا أبا بسطام؟ قال: يأخذون الحديث منا شبرا؛ فيجعلونه ذراعا (الجامع للخطيب 2/ 164، القصاص لابن الجوزي /308)

وقال ابن الجوزي: وقد صنف من لا علم له بالنقل كتبا فيها الموضوع والمحال، فترى القصاص يوردون منها ويزيدون فيها ما يوجب تحسينا لها (القصاص /309)

وقد ذكر المؤلف في هذا الكتاب مايدل على عنايته بتمثيل القصة، وتأمُّل أثر ذلك التمثيل في وجوه الحاضرين، فقال في ص 84: " أذكر أني ألقيت يوما خطبة ضمنتها قصة مقتل عمر رضي الله عنه، ولماوصلت إلى كيفية طعن أبي لؤلؤة المجوسي لعمر رضي الله عنه قلت بصوت عال: وفجأة خرج أبولؤلؤة من المحراب على عمر ثم طعنه ثلاث طعنات، وقعت الأولى في صدره، والثانية في بطنه، ثم استجمع قوته وطعن بالخنجر تحت سرته ثم ج1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - رر الخنجر حتى خرجت بعض أمعائه .. لاحظت وأنا أنظر في الوجوه أن الناس تنوعوا في كيفية تأثرهم، فمنهم من أغمض عينيه فجأة وكأنه يرى الجريمة أمامه، ومنهم من بكى، ومنهم من كان يستمع دون أدنى تأثر، وكأنه ينصت إلى حكاية ماقبل النوم!! "

ومما يدخل في هذا مايفعله بعض من يذكر حديثا في خطبة أو محاضرة أو نحوذلك، فيلتزم ألفاظ الحديث لكنه يزيد عليها انفعالات لم تشر إليها الرواية. مثال ذلك أني سمعت الدكتور العريفي في إحدى محاضراته يذكر حديث أبي ذر رضي الله عنه المتفق على صحته قال: إني سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم:" يا أَبَا ذَرٍّ، أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ. إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ الله تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كان أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ ولا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ"، فالدكتور العريفي حين ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: " يا أَبَا ذَرٍّ، أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ" قال ذلك بصراخ وغضب شديد، مع أن الرواية لم يذكر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير