هُوَ كَثِيرُ الاضْطِرَابِ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ قَائِمٌ مَعَ خَيَالِهِ الوَاسِعِ الَّذِي يَتَخَيَّلُ فِيهِ الحَقَّ تَارَةً وَالبَاطِلَ أُخرَى. وَاَللَّهُ أَعلَمُ بِمَا مَاتَ عليه)) انتهى. [مجموع الفتاوى 1/ 141]
وقال: ((وَهُوَ قَوْلُ بَقِيَّةِ الاتِّحَادِيَّةِ لَكِنَّ ابنَ عَرَبِيٍّ أَقْرَبُهُم إلَى الإسلام وَأَحسَنُ كَلامًا فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ فَإِنَّهُ يُفَرِّقُ بَينَ الظَّاهِرِ وَالمَظَاهِرِ فَيُقِرُّ الأَمرَ وَالنَّهيَ وَالشَّرَائِعَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيهِ وَيَأْمُرُ بِالسُّلُوكِ بِكَثِيرِ مِمَّا أَمَرَ بِهِ الْمَشَايِخُ مِن الأَخْلاقِ وَالعِبَادَاتِ وَلِهَذَا كَثِيرٌ مِن العِبَادِ يَأخُذُونَ مِن كَلامِهِ سُلُوكَهُم فَيَنتَفِعُونَ بِذَلِكَ وَإِن كَانُوا لا يَفقَهُونَ حَقَائِقَهُ وَمَن فَهِمَهَا مِنهُم وَوَافَقَهُ فَقَد تَبَيَّنَ قَولَهُ)). انتهى [مجموع الفتاوى 1/ 196]
وفي الجزء الثاني من مجموع الفتاوى ص464: ((وإنما كنتُ قديماً ممن يُحسن الظن بابن عربي ويُعظّمه: لِمَا رأيت في كتبه من الفوائد مثل كلامه في كثيرٍ من "الفتوحات"، و"الكُنْه" ()، و"المحكم المربوط"، و"الدرة الفاخرة"، و"مطالع النجوم"، ونحو ذلك. ولم نكن بعد اطلعنا على حقيقة مقصوده، ولم نطالع الفصوص ونحوه، وكنا نجتمع مع إخواننا في الله نطلب الحق ونتبعه، ونكشف حقيقة الطريق، فلما تبيّن الأمر عرفنا نحن ما يجب علينا ... )) ثمّ ذكرَ طامّات من أقوال ومعتقدات غلاة الصوفية الفلاسفة وختمها بقوله: ((وهذه المعاني كلها هي قول صاحب الفصوص (يعني ابن عربي) والله تعالى أعلم بما مات الرجل عليه، والله يغفر لجميع المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات {ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم})). انتهى [مجموع الفتاوى2/ 469]
فهل في هذا الكلام ما يحمل على الحقد على ابن تيميّة؟ وهل في كلام ابن تيمية أي رائحة شدّة وتعسّف أو حقد على ابن عربي؟
وروى الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة ابن عربي، قال: وقد حكى العلامة ابن دقيق العيد شيخُنا أنه سمع الشيخ عز الدين ابن عبد السلام يقول عن ابن العربي: ((شيخ سوء كذّاب، يقول بقدم العالم ولا يحرِّم فرجاً)).انتهى
وقال تقي الدين السبكي: ((ومَنْ كان مِنْ هؤلاء الصوفية المتأخرين كابن عربي وغيره، فهم ضُلال جهالٌ، خارجون عن طريقة الإسلام، فضلاً عن العلماء)). انتهى. قال ذلك في باب الوصية من شرح المنهاج ونقله الكمال الدَّميري والتقي الحصني.
إننا إذا قارنا بين ما قاله الإمام العز بن عبد السلام أو السبكي وأبو حيان الأندلسي والبقاعي وغيرهم في ابن عربي وبين ما قاله ابن تيميّة، تبيَّن لنا كم كان الإمام ابن تيميّة متلطفاً في العبارة، ورعاً في الوصف مع الجرأة في بيان الحق ودحض الباطل. والشيء نفسه يُقال بحق ابن القيّم.
إذن فإحراق كتب هؤلاء أولى من إحراق كتب ابن تيمية وابن القيم!
ومع ذلك أقول للذين يصرّون بغير حق على اتهام الأمير بحرق كتب ابن تيميّة وابن القيّم.
هل تدرون أين وُجِدَت كُتب شيخ الإسلام ابن تيمية؟ وهل تدرون أين كانت تُحفظ وتتعهد بالرعاية؟ إلى أن يسّر الله طبعها ونشرها.
لقد وُجد مجموع فتاوى ابن تيمية بتمامه تقريباً في دمشق، موطنِ الأمير عبد القادر ومكان نفوذه وسلطته، في المكتبة الظاهريّة غير البعيدة عن دار الأمير عبد القادر! فكيف يزعمون أنه أحرقها؟
أم أنهم سيقولون إنها فاتته، إذن ماذا كان يحرق؟! وكيف لم يستحوذ عليها كما ادّعى السائح التركي، مع أنها تحت يده في دمشق؟
وإليكم ما قاله الشيخ محمد بن عبد الرحمن العاصمي، في مقدّمة مجموع الفتاوى المطبوع، قال: ((إن أباه الشيخ عبد الرحمن العاصمي الحنبلي رحمه الله بدَأَ بجمع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميّة في نجد سنة 1340 هـ (انتبه للتاريخ) فوجد منها ثلاثة مجلّدات عند الشيخ محمد بن عبد اللطيف ثمّ قال:" وكانت نجدٌ وما زالت ـ بحمد الله ـ أسعد الأقاليم بالانتفاع بمؤلّفات شيخ الإسلام، وتداولها وتدريسها"
[طبعاً هذا الكلام بعد وفاة الأمير عبد القادر وقبل قصّة الشيخ نصيف مع السّائح التركي فتنبَّه!]
¥