تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إلى أن قال: ((وها هو حصار وهران (حصار ضربه المجاهدون على الجيش الفرنسي) لا يقوده الموظفون الإداريون في حكومة الباي حسن، الذين حنّكتهم التجارب وعرفوا أسرار المدينة، ولا يقوده أعيان الحضر من أمثال ابن نونة أو حمادي الصقال الذين امتلأت جيوبهم بالمال وبطونهم بالشحم، ولا يقوده أيضًا أولئك "الأتراك" الطامعون في السلطة والاستبداد أمثال إبراهيم بوشناق ومصطفى المقلش، ومحمد المرصالي، ومصطفى بن عثمان، وإنما قاده رجلٌ خرج من زاوية القيطنة، يقرأ القرآن ويدعوا إلى الجهاد (يقصد الحاج محيي الدين الحسني والد الأمير).)).انتهى

وخلال حديثه عن مبايعة الشعب للأمير قال الأستاذ سعد الله: ((فالرجل شريف من آل هاشم ومن آل البيت؛ أو المَحْتِدُ العربي والنَّسَبُ النَّبوي .... وهو المتعبّد في مسجد القيطنة والعاكف في مكتبة الوالد: يذكر الله ويتأمل في خلقه ويقرأ كتابه، ويحفظ أشعار وآثار الأقدمين، وهو الواقف على ما كان في الشرق من تخلّف وتحوّل، وما كان في الغرب من تقدم وتسلط .... وتجمهر الفقراء والفلاحون والجنود في سهل غريس يؤمّنون على البيعة ويدخلون في حزب الجهاد تحت راية أمير المؤمنين الجديد .... وجلس الأمير يضع الخطط للمستقبل، فعيّن كتابه ووزراءه، وقوّاده وولاته، ولم يراعِ فيهم إلا الكفاءة والإيمان وتحرير البلاد ..... ولكي يُسْكِتَ الأصوات التي قد تنتقده، اعتمد على الشريعة الإسلامية في أحكامه وجعل دستوره هو القرآن، مستعينًا بسيرة السلف الصالح))

وكان د. سعد الله قال قبل ذلك في وصف الأمير والفَرْق بينه وبين البايات التركية: ((إنه بطل كأبطال اليوم يرجع إلى الشعب ويحسّ بنبضاته، ويتقمص آماله، ويحتكم إلى القرآن والسنة وآثار السلف، وينفتح على الحضارة والعلم والعقل، ويستمد طموحه من الشرف والجهاد والوطنيّة)).انتهى [من كتاب الحركة الوطنية الجزائرية ص157إلى 173]

وفي ص122 قال الأستاذ سعد الله يصف الأمير في معرض الحديث عن القيادة الدنيوية والقيادة الروحية: ((ولكن الحاج عبد القادر (الأمير) تقمّص القيادتين معًا، ولذلك أصبح أميرًا للمؤمنين وليس شيخ زاوية (مرابطا) أو شيخ عرش (قائد أو آغا .. )).انتهى

وقال عنه ص400: ((الأمير عبد القادر فوق الطرق الصوفية كلها، أي إنه كان يعمل من أجل فكرة أشمل وهي الدين والوطنية)).انتهى

وكان الأخ محمد المبارك في (فك الشيفرة) قد أتحفنا بنقل كلام للأمير فقال: وقد وجّه خطابه الأول إلى كافة العروش قائلاً: "… وقد قبلت بيعتهم (أي أهالي وهران وما حولها) وطاعتهم، كما أني قبلت هذا المنصب مع عدم ميلي إليه، مؤملاً أن يكون واسطة لجمع كلمة المسلمين، ورفع النزاع والخصام بينهم، وتأمين السبل، ومنع الأعمال المنافية للشريعة المطهرة، وحماية البلاد من العدو، وإجراء الحق والعدل نحو القوي والضعيف، واعلموا أن غايتي القصوى اتحاد الملة المحمدية، والقيام بالشعائر الأحمدية، وعلى الله الاتكال في ذلك كله".انتهى

وأنا أسوقه للتذكير به،

ثم ساق الأخ الكاتب ظاهرةً، فقال إن الأمير قد اعتمد عَلَمًا مغايرًا للعلم العثماني الخاص بالجزائر، ثم راح يصف العَلَم، ثمّ خرج منها بتحليل عجيب،فقال:"ولم يكن ظهور هذا العلم بمحض الصدفة في هذه الفترة بل كان يرمز إلى استقلال سياسي عن الدولة العثمانية، فكانت بذلك من أوائل الحركات الانفصالية التجزيئية التي أعلنت الخروج على الخلافة الاسلامية العثمانية".انتهى

أقول: لقد كانت المقاومة في الجزائر على أقسام، أهمها: قسم الشرق وقسم الغرب، وكان هناك أشخاص مازالوا متمسكين بالولاية التركية في الجزائر كالباي أحمد في قسنطينة مثلاً، وهم رافضون للاتحاد مع الأمير أو مبايعته، وكانوا يوجهون له الضربات من الخلف خلال معاركه مع فرنسا، فليس من الحكمة في شيء أن يرفع الأمير علمًا مماثلاً لِعَلَمهم فتختلط الأمور على الجند والمجاهدين، والأمير مع أنه لم يتفق مع أولئك الأشخاص إلاّ أنه لم يحاربهم أبدًا، ولم يَكِدْ لهم مع فرنسا كما فعلوا هم به، فهؤلاء الأتراك أو الموالين لهم في النهاية قد سلّموا البلاد للفرنسيين ومنهم من تعاون مع فرنسا وطعنوا المجاهدين من الخلف. [والكلام للأستاذ سعد الله]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير