تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبدأ التوتر يرتفع بين الدولتين وتحركت الأساطيل البحرية وتقدمت الجيوش الروسية، ثم عقد مؤتمر للتوفيق بين الدولتين ولكن الخليفة رفض مطالب روسيا، وشجّعت انكلترا وفرنسا الدولة العثمانية في عدم الخضوع لطلبات الروس، وكان موقف فرنسا وانكلترا ضد روسيا خوفاً على مصالحهم لا حباً بالمسلمين. وجرى اتفاق بين الدولة العثمانية وفرنسا وانكلترا على محاربة روسيا وذلك في (12/ 6/1270هـ =11/ 3/1854م)، واقتضى ذلك الاتفاق أن ترسل فرنسا خمسين ألف جندي، وتبعث انكلترا بخمسة وعشرين ألفاً، وأن تجلوَ هذه الجنود عن الدولة العثمانية بعد خمسة أسابيع من الصلح مع روسيا. وبدأت حرب "القرم"، ثمّ جاءت معاهدة باريس وقبلت روسيا بشروط الدول المتحالفة.

وأعقب ذلك بحث بعض الشؤون الأوربية، فاتفقوا على تكوين دولة واحدة من إقليمَي "الأفلاق والبغدان" ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=934572#_ftn1)) شبه مستقلّة تُسمى حكومة الإمارات المتحدة وتكون تحت حماية جميع الدول، أي إخراجها من تَبَعية الدولة العثمانية، ووقع ذلك في باريس عام (1275هـ =1859م)، وكان الخليفة قد أصدر بعض التعليمات الإدارية في سبيل الإصلاح وهو ما عُرِفَ باسم (الخط الهمايوني) وذلك عام (1272هـ =1856م).

وأوجدت الدول النصرانية كذلك مشكلاتٍ في الصرب، والجبل الأسود، والبوسنة والهرسك، لتفصلها عن الدولة العثمانية، فبدأت تقوم الثورات، وتمنع دولُ أوربا الدولةَ العثمانية من قمع هذه الثورات بتهديد الدولة، وقطع العلاقات السياسية معها، بل غالبًا ما كانت الدول الأوربية هي التي تدعم الثورات وتثيرها، وأصبح سفراء هذه الدول شركاء في السلطة تقريبًا!!

وأُثيرت آنذاك مشكلة جزيرة "كريت"، وحدَثَ اعتداءٌ على النّصارى في "جُدّة"، وأُصيب قنصل فرنسا، وهدَّأ والي "مكّة" الوضع غير أنّ الانكليز قد ضربوا "جُدّة" بالمدافع!)).انتهى [انظر التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر الجزء 8 /من ص173 إلى ص181]

كل هذه الأحداث والأمير لم يدخل دمشق بعد! فالأمير رست سفينته في ميناء بيروت في (27/ 3/1273هـ = 24/ 11/1856م).

إذن فرنسا وانكلترا وروسيا وغيرها كانوا يسعون للقضاء على دولة الخلافة العثمانية وكانوا يستعينون بالأقليات النصرانية الموجودة في أراضي الدولة العثمانية لإيجاد الذرائع للتدخل في تلك الأراضي ومن ثَمَّ فصلها عن دولة الخلافة واحتلالها!

فكانت الفتنة الطائفية في الشام: يقول الأستاذ محمود شاكر: ((تساهل السلطان عبد المجيد مع الدول الأوربية فاستقرت الأوضاع في إقليمي الأفلاق والبغدان، والصرب، واشتعلت الفتنة في بلاد الشام، إذ اعتدى الموارنة على الدروز عام (1276هـ =1860م) فقام الدروز يأخذون بالثأر، وامتد اللهيب من جبل لبنان إلى طرابلس، وصيدا، وزحلة، ودير القمر، واللاذقية، ودمشق ... وأسرعت الدولة العثمانية فأرسلت فؤاد باشا، وقضى على الفتنة، وعاقب المسؤولين عنها، كلاً بما يستحق، واحتجّت الدول الأوربيّة وهددت بالتدخل، وكانت متفرّقة الرأي، ثمّ أجمعت واتفقت على أن ترسل فرنسا ستة آلاف جندي لمساعدة الدولة فيما إذا عجزت عن إطفاء الفتنة ـ حسب زعمها والحجّة التي اتخذتها ـ وأنزلت فرنسا قواتها في بيروت في (22 المحرّم 1277هـ= 9/ 8/1860م) بعد اتفاق الدول الأوربيّة الذي تمّ قبل أسبوع (15 المحرم)، وهذا الاتفاق تَدَخَّلَ في شؤون الدولة التي أحسَنَت القيام بمهمّتها لكن كان القصد تقوية النصارى، وإظهارهم بمظهر القوة، وأنّ أوربا كلّها من خلفهم، لتزداد قوتهم، ويخشى خصومهم بأسهم. وجرى الاتفاق مع فؤاد باشا على أن يُعَوَّض النصارى على ما خسروه، ويُمنح أهل الجبل حكومةً مستقلّةً تحت سيادة الدولة، وأن يرأس هذه الحكومة رجل نصراني لمدّة ثلاث سنوات، ولا يحق عزله إلاّ برأي الدول الأوربية، وتقترحه الدولة العثمانية، وتوافق عليه أوربا، وقد اختير أوّل حاكم "داود الأرمني" ... هذا التساهل قد ألزم فرنسا بالانسحاب من الشام، إذ أخلت المناطق التي دخلتها في (27/ 11/1277هـ) أي بعد عشرة أشهر وخمسة أيام من دخولها.

وتوفّي الخليفة العثماني عبد المجيد في (17/ 12/1277هـ))).انتهى [من التاريخ الإسلامي8/ 181ـ182]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير