تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وغيرُ المسلمين لا يُطيقون أن يُنسَبَ الفضل والخير إلى المسلمين، فما كان منهم إلاّ أن ألصقوا صفة الماسونية بكل من ساهم في إنقاذ وحماية المواطنين المسيحيين في بلاد الشام! ونحنُ لا نجد في كل ما كتبه الكتّاب المسيحيون عن مذبحة 1860م الغربيون منهم أو الشرقيون؛ أيّ إشارة إلى فضل الشريعة الإسلامية التي طبّقها كبار رجال الإسلام في صيانة أعراض النصارى وحقن دمائهم، وإنما أثنوا على أولئك الرجال وألحقوهم بالماسونية زورًا وبهتانًا!!

ـ ثم انتقل الأخ كاتب (فك الشيفرة) إلى الاستشهاد بكلام جرجي زيدان (وما أدراك ما جرجي زيدان)

لقد زعم جرجي:"أن الماسونية دخلت إلى الشام بمساعي الأمير وأنه أول من أسس المحافل الماسونية".انتهى، ورضي الأخ الكاتب بهذا الكلام أيضًا!

وانظروا إلى هذا التخبّط: فمرّة يقولون إنّ الماسونية كانت في بلاد الشام قبل الأمير وأن الولاة العثمانيين هم الذين أدخلوها، ومرة يقولون إنّ الماسون أسسوا محافلهم في الشام وسعى الأمير للانضمام إليها، ومرة يقولون إنّ الأمير هو الذي أدخل الماسونية إلى الشام، ومرّة يقولون إن الأمير في البداية كان يُخفي نفسه، ومرّة يقولون إن الأمير كان منذ البداية يُجاهر بنفسه، و ...

وبعد ذلك يرى الأخ صاحب (فك الشفرة) أنّ هذه المصادر الماسونية هي مصادر موثوقٌ بها وعلمية وصالحة للاحتجاج على عمالة وردّة الأمير عبد القادر!! الذي شَهِدَ له المؤرِّخون والعلماء المسلمون أمثال مفتي المالكية العلاّمة محمد عليش وولده الشيخ الأزهري عبد الرحمن عليش، والعلاّمة عبد الرزاق البيطار وحفيده الشيخ محمد بهجة البيطار، والعلاّمة جمال الدين القاسمي، ومفتي الحنابلة الشيخ محمد جميل الشطي، وآخرون كُثر، شهدوا له بالفضل والدِّيانة والغَيْرة على دين الإسلام، وأشادوا بحرصه على إقامة أحكام الشريعة وحدودها، وسعيه الحثيث لنشر علوم الدين، حتى إنه إلى آخر أيّام حياته كان يُقْرِئُ صحيح البخاري ويُجيزُ به الطلبة والمشايخ، وكذلك موطأ مالك وغيره، فضلاً عن سنده في القرآن الذي أخذه عنه جمعٌ من المشايخ والطلاّب، وشهدوا له بمواظبته على حضور صلاة الجماعة في المساجد حتى وفاته، إلى غير ذلك من الخصال التي تدلّ على تمسّك الرجل بدينه وحرصه على اتباع سنّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وأحب أن أنبّه الإخوة القرّاء جميعًا إلى أمر هام وهو أن المدعو جرجي زيدان في كتابه الذي ادّعى فيه أنّ الأمير عبد القادر كان ماسونيًا، ادّعى أيضًا أن خلفاء المسلمين من الأمويين والعباسيين هم أول من أدخل الماسونية إلى المدينة والشام وبغداد، وادّعى أن الخليفة الوليد بن عبد الملك استعان بالماسون لبناء المسجد النبوي والمسجد الأموي بدمشق والمسجد الأقصى!!!

وأنّ الكثير من علماء المسلمين وفقهائهم وأمرائهم انتسبوا إلى الماسونية في حينها!!!

وزعم أنّ القائد صلاح الدين الأيوبي كان ماسونيًا!

ليس هذا فحسب فقد قال:"إنّ الله أسسَ أوّل محفل ماسوني في جنّة عدن وأن ميخائيل رئيس الملائكة كان أوّل أستاذ أعظم"!!

وكتاب (تاريخ الماسونية العام) لجرجي زيدان [مطبعة الهلال بمصر الطبعة الثانية (1920م)] ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=946717#_ftn1)) في المجمل يشبه قصّة روائية خيالية كاتبها سكران! فهو يدّعي أنّ الماسونية قديمة قدمَ الإنسان ومع ذلك تعجّب من نبيّ الله عيسى ابن مريم فقال: ((ولا نعلم ما الدّاعي لإغفال السيد المسيح ذِكرَها مطلقًا، مع أنه تكلّم كثيرًا عن طائفتي الصديقيين والفريسيين المعاصرتين لها)).انتهى [تاريخ الماسونية ص19]، وزعمَ أن الماسون هم عمّالُ بناء، وأنهم كانوا أقوى وسيلة لنشر الديانة المسيحية [انظر ص42]، وأنّ كبار ملوك وحكام أوربا كانوا من الماسون!، وكان الماسون يحظون برعاية بابا روما ورجال الدين المسيحي [انظر ص60]، وأنهم المسؤولون عن بناء جميع المعابد والمساجد، وهم الذين بَنَوا مدينة بغداد وقرطبة وإشبيلية (قصر الحمراء)؛ وفجأة تحوّلوا من عمال بناء إلى دعاة ينشرون العلم والفضيلة!

ثمّ سردَ الوقائع والمنشورات التي تبيّن العداء الشديد الذي تضمره الكنيسة ورجالها تجاه الماسون، وأنهم كانوا يعدّون الماسونية مناقضة لعبادة الله وللديانة المسيحية، بل وللديانة على وجه العموم! (هذا أحد التناقضات الشديدة التي مُلِئ الكتاب بها) [انظر ص126]؛ وأنه لم يكن فيهم أي إسرائيلي، وإنما بدأ قبول الأعضاء الإسرائيليين في الماسونية سنة 1840م!! [انظر ص136].

وهو في كتابه يعترف أن الماسونية جمعية سريّة، ولكنه يعلل ذلك بأنه شأن جميع الحركات الإصلاحية، والأديان، ويضرب على ذلك مثلاً المسيح ابن مريم عليه السلام في أوّل أمره. ولكن غاب عن جرجي أنّ تكتُّم وسِرِّية جمعيته الماسونية استمر على الأقل من 2000 سنة قبل الميلاد إلى ما بعد 2000 سنة من الميلاد وإلى يومنا هذا!!

[1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=946717#_ftnref1) ـ وكذلك في طبعة دار الجيل 1984م (بيروت).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير