تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما المسافة الّتي يجب بها حضور الجمعة: فإنّها تجب على المسلمين المستوطنين في مدينة أو قرية.

أمّا تضييع صلاة الجمعة بحجة العمل فلا يجوز، لأنّ الله تعالى أمر المؤمنين بشهود الجمعة وافترضها عليهم ونهاهم عن التّشاغل عنها ببيع أو شراء أو غيرهما فقال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّه وَذَرُوا الْبَيْعَ) وقد ثبت عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أحاديث كثيرة تحذر من التهاون بها منها:

- ما رواه النسائي عَنْ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يُحَدِّثَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ وَهُوَ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ ((لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَلَيَكُونُنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ)).

- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ لِقَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجُمُعَةِ: ((لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ أُحَرِّقَ عَلَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجُمُعَةِ بُيُوتَهُمْ)) [رواه مسلم].

- وعَنْ أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ رضي الله عنه وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: ((مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ)) [رواه أبو داود].

وليس العمل عذرا في التخلّف عن الجمعة ولو بأمر صاحب العمل، فإنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وهذا من شؤم الإقامة في بلاد الكفر.

ومن باب التّذكير لمثل من يقول ذلك: فليَعلم أنّ العلماء قد قرّروا وفي مصنّفاتهم قد سطّروا أنّ أفضل العبادات على الإطلاق ما كان موافقا للحال والزّمان .. ففي وقت تكون الصّلاة أفضل العبادات، وعند حضور مجلس العلم يكون العلم أفضل من النّوافل، وعند دخول وقت الرّواتب يكون أداؤها أفضل من عمل آخر، وعند احتياج الأخ إليك تكون إعانته أفضل القربات، ووقت العمل يكون العمل أفضل وهكذا، والأصل في المسلم أن لا يفرغ من عبادة الله، قال تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)}.

السؤال السابع:

- قام مؤخرا أحد البنوك المعروفة LA CAIXA ( وتبعته بنوك أخرى) بإنشاء خدمة لزبائنه وللجالية المغتربة استحسنها كثير من المسلمين، وهي أن يقدم الزبون مبلغًا معيّنًا من المال (12 أورو) شهريًا، وفي المقابل يقوم البنك في حالة وفاة هذا المشترك بنقله إلى بلده الأصليّ، وتقديم مبلغ يقدّر بحوالي (1000 أورو) لأهل الميّت، فبغضّ النّظر عن حكم نقل الميّت من بلد لأخر، ما حكم هذه المعاملة؟ وما حكم دفن المسلم في بلاد الكفر؟ وهل يجوز دفن المسلم في مقبرة الكفّار إذا كان بمعزل عنهم؟

الجواب:

الظّاهر من هذه المعاملة أنّها محرّمة لوجوه منها:

1 - أنّ فيها غررا ومخاطرة، لأنّ هذا الزّبون قد يُعمَّر كثيرًا، ويكون بذلك قد دفع من المال أكثر من الّذي سينفقه البنك لنقله إلى بلده الأصليّ، ومن المبلغ الذي سيقدّمه لأهله، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ الزبون قد يتوفّاه الله تعالى في غير البلد الذي يوجد فيه هذا البنك، فيكون بذلك قد فقد ماله الّذي دفعه.

2 - أنّ هذه المعاملة قد تؤدّي إلى الرّبا، لأنّ الزّبون قد لا يُعمَّر كثيرا، فتكون تكاليف نقله لبلده الأصليّ أكثر من المال الّذي دفعه، وفي هذه الحالة يكون المال الزائد الذي دفعه البنك عبارة عن فوائد للمبالغ المالية التي كان يدفعها، وهذا ربا.

3 - في هذه المعاملة إعانة على الإثم و العدوان، لأنّ الأموال الّتي يدفعها الزّبائن سيستثمرها البنك في مشاريع محرّمة قطعًا.

أمّا حكم دفن المسلم في بلاد الكفر: فإن كان دفن المسلم في بلاد الكفر في مقبرة خاصة بالمسلمين فيجوز ذلك، أمّا أن يُدفن المسلم في مقبرة الكفاّر، فهذا محرّم، وقد أفتت اللّجنة الدائمة بما يلي:

" لا يجوز للمسلمين أن يدفنوا مسلماً في مقابر الكافرين؛ لأنّ عمل أهل الإسلام من عهد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم والخلفاء الرّاشدين ومن بعدهم مستمرّ على إفراد مقابر المسلمين عن مقابر الكافرين، وعدم دفن مسلم مع مشرك، فكان هذا إجماعاً عملياً على إفراد مقابر المسلمين عن مقابر الكافرين، ولما رواه النسائي عن بشير ابْن الْخَصَاصِيَةِ قال: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فَمَرَّ عَلَى قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: ((لَقَدْ سَبَقَ هَؤُلَاءِ شَرًّا كَثِيرًا) ثُمَّ مَرَّ عَلَى قُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: ((لَقَدْ سَبَقَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا))، فدل هذا على التفريق بين قبور المسلمين وقبور المشركين.

وعلى كل مسلم ألاّ يستوطن بلداً غير إسلاميّ، وألاّ يقيم بين أظهر الكافرين، بل عليه أن ينتقل إلى بلد إسلامي فراراً بدينه من الفتن، ليتمكّن من إقامة شعائر دينه، ويتعاون مع إخوانه المسلمين على البرّ والتّقوى، ويكثِّر سواد المسلمين إلاّ من أقام بينهم لنشر الإسلام، وكان أهلاً لذلك قادراً عليه، وكان ممّن يُعهد فيه أن يؤثِّر في غيره، ولا يغلب على أمره، فله ذلك وكذا من أضطر إلى الإقامة بين أظهرهم، وعلى هؤلاء أن يتعاونوا ويتناصروا، وأن يتخذوا لأنفسهم مقابر خاصة يدفنون فيها موتاهم.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " اهـ. [فتوى رقم (1841).

أمّا دفن المسلم في مقبرة الكفار إذا كان بمعزل عنهم: فقد جاء في فتوى اللّجنة الدّائمة برقم (8909):

س: هل يجوز دفن الميت المسلم في مقبرة تكون واقعة على قطعة على حدّه، ولكن في سور واحد مع مقابر أهل الكتاب، وهل فيه هناك حديث نبويّ في هذا الباب؟

ج: لا يدفن داخل سور مقبرة الكفار، ولو في قطعة أرض منها على حده؛ لأن جميع ما في داخل سورها يعتبر منها.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم "اهـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير